البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

{ وما أنتم بمعجزين } : أي فائتين ما أراد الله لكم .

{ في الأرض ولا في السماء } ، إن حمل السماء على العلو فجائز ، أي في البروج والقلاع الذاهبة في العلو ، ويكون تخصيصاً بعد تعميم ، أو على المظلة ، فيحتاج إلى تقرير ، أي لو صرتم فيها ، ونظيره قول الأعشى :

ولو كنت في جب ثمانين قامة *** ورقيت أسباب السماء بسلم

ليعتورنك القول حتى تهزه *** وتعلم أني فيك لست بمجرم

وقوله تعالى : { إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض } على تقدير الحكم لو كنتم فيها ،

{ والأرض فانفذوا } وقال ابن زيد ، والفراء : التقدير : ولا من في السماء ، أي يعجز إن عصى .

وقال الفراء : وهذا من غوامض العربية ، وأنشد قول حسان :

فمن يهجو رسول الله منكم *** ويمدحه وينصره سواء

أي : ومن ينصره ، وهذا عند البصريين لا يكون إلا في الشعر ، لأن فيه حذف الموصول وإبقاء صلته .

وأبعد من هذا القول قول من زعم أن التقدير : وما أنتم بمعجزين من في الأرض من الإنس والجنّ ، ولا من في السماء من الملائكة ، فكيف تعجزون الله ؟