الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

قوله : { وَلاَ فِي السَّمَآءِ } : على تقديرِ أَنْ يكونوا فيها كقولِه : { إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ } [ الرحمن : 33 ] أي : على تقديرِ أَنْ يكونوا فيها . وقال ابن زيد والفراء : " معناه ولا مَنْ في السماءِ أي : يُعْجِزُ إنْ عَصَى " يعني : أنَّ مَنْ في السماواتِ عطفٌ على " أنتم " بتقدير : إنْ يَعْصِ . قال الفراء : " وهذا من غوامضِ العربيةِ " . قلت : وهذا على أصلِه حيث يُجَوِّز حَذْفَ الموصولِ الاسميِّ وتَبْقى صلتُه . وأنشد :

3637 أمَن يهْجُو رسولَ الله منكُمْ *** ويَنْصُرُه ويَمْدَحُه سَواءُ

وأبعدُ مِنْ ذلك مَنْ قدَّر موصولين محذوفين أي : وما أنتم بمعجِزِين مَنْ في الأرض مِن الإِنسِ والجنِّ ولا مَنْ في السماء من الملائكة ، فكيف تُعْجِزُون خالقِها ؟ وعلى قولِ الجمهورِ يكونُ المفعولُ محذوفاً أي : وما أنتم بمعجِزين أي : فائِتينَ ما يريدُ اللَّهُ بكم .

وقوله : " ثم يُعيدُه " { ثُمَّ اللَّهُ يُنشِىءُ } مُسْتأنفان ، من إخبارِ الله تعالى ، فليس الأولُ داخلاً في حَيِّزِ الرؤيةِ ، ولا في الثاني في حَيِّزِ النظَر .