قوله تعالى : { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات } ، يعني : الحسنات ، وقيل : الجواري الحسان في الجنة . قال الله تعالى : { فيهن خيرات حسان } ، جمع خيرة ، وحكى عن ابن عباس : أن الخير لا يعلم معناه إلا الله كما قال جل ذكره : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } [ السجدة :17 ] .
{ 88 - 89 ْ } { لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ْ }
يقول تعالى : إذا تخلف هؤلاء المنافقون عن الجهاد ، فاللّه سيغني عنهم ، وللّه عباد وخواص من خلقه اختصهم بفضله يقومون بهذا الأمر ، وهم { الرَّسُولُ ْ } محمد صلى الله عليه وسلم ، { وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ْ } غير متثاقلين ولا كسلين ، بل هم فرحون مستبشرون ، { وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ْ } الكثيرة في الدنيا والآخرة ، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ْ } الذين ظفروا بأعلى المطالب وأكمل الرغائب .
( لكن الرسول والذين آمنوا معه ) . . وهم طراز آخر غير ذلك الطراز . . ( جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ) . . فنهضوا بتكاليف العقيدة ، وأدوا واجب الإيمان ؛ وعملوا للعزة التي لا تنال بالقعود ( وأولئك لهم الخيرات ) . . خيرات الدنيا والآخرة ، في الدنيا لهم العزة ولهم الكرامة ولهم المغنم ولهم الكلمة العالية . وفي الآخرة لهم الجزاء الأوفى ، ولهم رضوان اللّه الكريم ( وأولئك هم المفلحون ) . . الفلاح في الدنيا بالعيش الكريم القويم والفلاح في الآخرة بالأجر العظيم :
القول في تأويل قوله تعالى : { لََكِنِ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلََئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .
يقول تعالى ذكره : لم يجاهد هؤلاء المنافقون الذين اقتصصت قصصهم المشركين ، لكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والذين صدّقوا الله ورسوله معه هم الذين جاهدوا المشركين بأموالهم وأنفسهم ، فأنفقوا في جهادهم أموالهم وأتعبوا في قتالهم أنفسهم وبذلوها . وأولَئِكَ يقول : وللرسول وللذين آمنوا معه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم الخيرات ، وهي خيرات الاَخرة ، وذلك نساؤها وجناتها ونعيمها ، واحدتها : خَيْرة ، كما قال الشاعر :
وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجَامعَ الرّبلاَتِ *** رَبلاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الملَكاتِ
والخيرة من كلّ شيء : الفاضلة . وأُولَئكَ هُمُ المُفْلحُونَ يقول : وأولئك هم المخلدون في الجنات الباقون فيها الفائزون بها .
{ لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم } أي إن تخلف هؤلاء ولم يجاهدوا فقد جاهد من هو خير منهم . { وأولئك لهم الخيرات } منافع الدارين النصر والغنيمة في الدنيا والجنة والكرامة في الآخرة . وقيل الحور لقوله تعالى : { فيهن خيرات حسان } وهي جمع خيرة تخفيف خيرة . { وأولئك هم المفلحون } الفائزون بالمطالب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.