اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

قوله تعالى : { لكن الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ } الآية .

ومعنى هذا الاستدراك : أنَّه إن تخلَّف هؤلاء المنافقون عن الغزو ؛ فقد توجه إليه من هو خير منهم ونظيره : { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } [ الأنعام : 89 ] وقوله : { فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار } [ فصلت : 38 ] ، ولمَّا وصفهم بالمُسارعةِ إلى الجهادِ ، ذكر ما حصل لهم من الفوائدِ ، وهي أنواع ، أوَّلها : قوله { وأولئك لَهُمُ الخيرات } والخيراتُ : جمع خَيْرة ، على " فَعْلة " بكسون العين ، وهو المُسْتَحْسَنُ من كُلِّ شيءٍ ، وغلبَ استعماله في النِّساء ، ومنه قوله تعالى :

{ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } [ الرحمن : 70 ] ؛ وقول الشَّاعر : [ الكامل ]

ولقَدْ طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ *** ربلاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الملكاتِ{[18027]}

قال المُفسَّرونَ : هي الجواري الحسان والجنَّة . وقال ابنُ عبَّاس : " الخيْرَاتُ " لا يعلم معناهُ إلاَّ الله ، كما قال جلَّ ذكرهُ { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ }{[18028]} [ السجدة : 17 ] . وقيل : المرادُ : ب " الخَيْرَات " الثَّواب .

وثانيها : قوله : { وأولئك هُمُ المفلحون } ، والمرادُ منه : التخلص من العقاب .

وثالثها : قوله : { أَعَدَّ الله لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا } .


[18027]:البيت لرجل من بني عدي جاهلي. ينظر: مجاز القرآن 1/267، 2/246 جامع البيان 14/415، التهذيب 7/546، الدر 3/490.
[18028]:ذكره البغوي في "تفسيره" (2/318).