إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (88)

{ لكن الرسول والذين ءامَنُواْ مَعَهُ } بالله وبما جاء من عنده تعالى ، وفيه إيذانٌ بأنهم ليسوا من الإيمان بالله في شيء وإن لم يُعرضوا عنه صريحاً إعراضَهم عن الجهاد باستئذانهم في القعود { جاهدوا بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ } أي إنْ تخلّف هؤلاء عن الغزو فقد نهَدَ إليه ونهضَ له من هو خيرٌ منهم وأخلصُ نيةً ومعتقَداً وأقاموا أمرَ الجهادِ بكلا نوعيه كقوله تعالى : { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً ليْسُواْ بِهَا بكافرين } [ الأنعام ، الآية89 ] { وَأُوْلئِكَ } المنعوتون بالنعوت الجليلة { لَهُمْ } بواسطة نعوتِهم المزبورة{[369]} { الخَيْرَاتِ } أي منافعُ الدارين النصرُ والغنيمةُ في الدنيا والجنةُ والكرامة في العُقبى ، وقيل : الحورُ كقوله عز قائلاً : { فِيهِنَّ خيرات حِسَانٌ } وهي جمعُ خَيْرة تخفيف خيّرة { وأولئك هُمُ المفلحون } أي الفائزون بالمطلوب لا مَنْ حاز بعضاً من الحظوظ الفانية عما قليل ، وتكريرُ اسمِ الإشارة تنويهٌ لشأنهم وربْءٌ لمكانهم .


[369]:المزبورة: المكتوبة.