المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (12)

12- وأتم خلق السماوات سبعاً في يومين آخرين ، وأوجد في كل سماء ما أعدت له واقتضته حكمته ، وزين السماء القريبة من الأرض بالنجوم المنيرة كالمصابيح ، للهداية وحفظا من استماع الشياطين لأخبار الملأ الأعلى ، ذلك الخلق المتقن تدبير العزيز الذي لا يغلب ، المحيط علمه بكل شيء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (12)

قوله تعالى :{ فقضاهن سبع سماوات في يومين } أي : أتمهن وفرغ من خلقهن ، { وأوحى في كل سماء أمرها } قال عطاء عن ابن عباس : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلمه إلا الله . وقال قتادة والسدي : يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها . وقال مقاتل : وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي ، وذلك يوم الخميس والجمعة . { وزينا السماء الدنيا بمصابيح } كواكب ، { وحفظاً } لها ونصب ( حفظاً ) على المصدر ، أي : حفظناها بالكواكب حفظاً من الشياطين الذين يسترقون السمع ، { ذلك } الذي ذكر من صنعه ، { تقدير العزيز } في ملكه ، { العليم } بحفظه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (12)

{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ } فَتَمَّ خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، أولها يوم الأحد ، وآخرها يوم الجمعة ، مع أن قدرة اللّه ومشيئته صالحة لخلق الجميع في لحظة واحدة ، ولكن مع أنه قدير ، فهو حكيم رفيق ، فمن حكمته ورفقه ، أن جعل خلقها في هذه المدة المقدرة .

واعلم أن ظاهر هذه الآية ، مع قوله تعالى في النازعات ، لما ذكر خلق السماوات قال : { وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } يظهر منهما التعارض ، مع أن كتاب اللّه ، لا تعارض فيه ولا اختلاف .

والجواب عن ذلك ، ما قاله كثير من السلف ، أن خلق الأرض وصورتها متقدم على خلق السماوات كما هنا ، ودحي الأرض بأن { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا } متأخر عن خلق السماوات كما في سورة النازعات ، ولهذا قال فيها : { وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا } إلى آخره ولم يقل : " والأرض بعد ذلك خلقها "

وقوله : { وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا } أي : الأمر والتدبير اللائق بها ، الذي اقتضته حكمة أحكم الحاكمين .

{ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } هي : النجوم ، يستنار ، بها ، ويهتدى ، وتكون زينة وجمالاً للسماء ظاهرًا ، وجمالاً لها ، باطنًا ، بجعلها رجومًا للشياطين ، لئلا يسترق السمع فيها . { ذَلِكَ } المذكور ، من الأرض وما فيها ، والسماء وما فيها { تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ } الذي عزته ، قهر بها الأشياء ودبرها ، وخلق بها المخلوقات . { الْعَلِيمِ } الذي أحاط علمه بالمخلوقات ، الغائب والشاهد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (12)

ثم فصل - سبحانه - بديع صنعه فى خلق السموات فقال : { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ . . . } أى : ففرغ من خلقهن وتسويتهن على أبدع صورة وأحكم صنع فى مقدار يومين .

والضمير فى قوله { فَقَضَاهُنَّ } إما راجع إلى السماء على المعنى لأنها سبع سموات ، وإما مبهم يفسره ما بعده وهو سبع سموات .

وقوله : { وأوحى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } أى : وأوحى فى كل منها ما أراده وما أمر به ، وخلق فيها ما اقتضته حكمته من الملائكة ومن خلق لا يعلمه إلا هو - سبحانه - .

وقوله : { وَزَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً } أى : وزينا السماء الدنيا أى القريبة منكم - بكواكب مضيئة ، وحفظناها عظيما من الاختلال والاضطراب والسقوط { ذلك } الذى ذكرناه لكم من خلق السموات والأرض ، وخلق ما فيهما .

{ تَقْدِيرُ العزيز العليم } أى : تقدير الله - القاهر - لكل شئ . والعليم بما ظهر وبما بطن فى هذا الكون .

وقد أخذ العلماء من هذه الآيات الكريمة أن خلق الأرض وما عليها من جبال ومن أقوات للعباد قد تم فى أربعة أيام ، وأن خلق السموات كان فى يومين فيكون مجموع الأيام التى خلق الله - تعالى - فيها السموات والأرض وما بينهما ستة أيام .

وقد جاء ذلك فى آيات متعددة ، منها قوله - تعالى - : { إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } وقوله - سبحانه - { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ . . . } كما أخذ العلماء منها - أيضا - : أن خلق الأرض متقدم على خلق السموات بدليل قوله - تعالى - بعد حديثه عن خلق الأرض ، ثم استوى إلى السماء وهى دخان .

وبدليل قوله - تعالى - فى آية أخرى : { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ استوى إِلَى السمآء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } وعلى هذا الرأى سار جمهور العلماء ، وردوا على من قال بأن خلق السموات متقدم على خلق الأرض ، لأن الله - تعالى يقول فى سورة النازعات : { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء بَنَاهَا . رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا . وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا . والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } أى : بسطها .

ردوا عليهم بما روى عن ابن عباس من أنه سئل عن الجمع بين الآيات التى معنا ، وبين آيات سورة النازعات فقال : إنه - تعالى - خلق الأرض أولا غير مدحورة ثم خلق السماء ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، وجعل فيها الرواسى والأنهار وغيرهما .

أى : أن أصل خلق الأرض كان قبل خلق السماء ، ودحوها بجبالها وأشجارها كان بعد خلق السماء ، وردوا عليهم - أيضا - بأن لفظ " بعد " فى قوله - تعالى - { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } بمعنى مع أى : والأرض مع ذلك بسطها ومهدها لسكنى أهلها فيها .

وردوا عليهم - أيضا - بأنه - تعاىل - لما خلق الأرض غير مدحوة ، وهى أهل لكل ما فيها كان كل ما فيها كأنه قد خلق بالفعل لوجود أصله فيها .

قال بعض العلماء : والدليل من القرآن على أن وجود الأصل يمكن به إطلاق الخلق على الفرع ، - وإن لم يكن موجودا بالفعل - قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ . . . } فقوله : { خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُم } أى : بخلقنا وتصويرنا لأبيكم آدم الذى هو أصلكم .

كما أخذ منها العلماء أن وجود هذا الكون ، بتلك الصورة البديعة ، المتمثلة فى هذه الأرض وما أقلت . وفى هذه السموات وما أظلت . . من أكبر الأدلة التى تحمل العقلاء على إخلاص العبادة لله الواحد القهار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (12)

{ فقضاهن سبع سماوات } فخلقهن خلقا إبداعيا وأتقن أمرهن ، والضمير ل { السماء } على المعنى أو مبهم ، و{ سبع سموات } حال على الأول وتمييز على الثاني . { في يومين } قيل خلق السموات يوم الخميس والشمس والقمر والنجوم يوم الجمعة . { وأوحى في كل سماء أمرها } شأنها وما يتأتى منها بأن حملها عليه اختيارا أو طبعا . وقيل أوحى إلى أهلها بأوامره ونواهيه . { وزينا السماء الدنيا بمصابيح } فإن الكواكب كلها ترى كأنها تتلألأ عليها . { وحفظا } أي وحفظناها من الآفات ، أو من المسترقة حفظا . وقيل مفعول له على المعنى كأنه قال : وخصصنا السماء الدنيا بمصابيح زينة وحفظا . { ذلك تقدير العزيز العليم } البالغ في القدرة والعلم .