قوله تعالى : { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } في نصب «سَبْعَ » أربعةُ أوجه :
أحدها : أنه مفعول ثانٍ «لقَضَاهُنَّ » ؛ لأنه ضمّن معنى صيَّرهُنَّ بقضائه سبع سموات{[48615]} .
الثاني : أنه منصوب على الحال من مفعول «فقضاهن » أي قضاهن معدودةً{[48616]} ، وقضى بمعنى «صَنَعَ »{[48617]} كقول أبي ذؤيب :
4355 وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا *** دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ{[48618]}
الثالث : أنه تمييز ؛ قال الزمخشري : ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً مفسَّراً بسبع سمواتٍ على التمييز{[48619]} يعني بقوله «مبهماً » ، أنه لا يعود على السماء ، لا من حيث اللفظ ، ولا من حيث المعنى بخلاف كونه حالاً أو مفعولاً ثانياً .
الرابع : أنه بدل من «هُنَّ » في «فَقَضَاهُنَّ » قاله مكي{[48620]} ، وقال أيضاً : السماء ، تذكَّر وتؤَنَّثُ ، وعلى التأنيث جاء القرآن ، ولو جاء على التذكير لقيل : سَبْعَةَ سمواتٍ{[48621]} . وقد تقدم تحقيق تذكيره وتأنيثه في أوائل البقرة{[48622]} .
قال أهل الأثر : إن الله تعالى خلق الأرض يوم الأحد والإثنين ، وخلق سائر ما في الأرض يوم الثلاثاء والأربعاء وخلق السموات وما فيها في يوم الخميس والجمعة ، وفرغ في آخر ساعةٍ من يوم الجُمُعةِ فخلق بها آدم ، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة .
فإن : قيل : اليوم عبارة عن النهار والليل ، وذلك إنما يحصل بطُلُوعِ الشَّمس وغروبها ، وقبل حدوث السموات والشمس والقمر كيف يعقل حصول اليوم ؟
فالجواب : معناه أنه مضى من المدة ما لو حصل هناك فلكٌ وشمس لكان المقدار مُقدَّراً بيوم{[48623]} . وقضاء الشيء إتمامه{[48624]} والفرغ منه .
قوله : { وأوحى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا } . قال عطاء عن ابن عباس{[48625]} رضي الله عنهما : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار ، وجبال البرد ، وما لا يعلمه إلا الله تعالى ، وقال قتادة والسُّدِّيُّ : يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها . وقال مقاتل : وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي ، وذلك يوم الخميس والجمعة ، قال السدي : ولله في كل سماء بيت يُحَجُّ إليه ويطوف به الملائكة ، كل واحد منها مقابل للكعبة بحيث لو وقعت منه حصاةٌ لوقعت على الكعبة .
قوله : { وَزَيَّنَّا السماء الدنيا بِمَصَابِيحَ } وهي النيران التي خلقها في السموات ، وخص كل واحد بضوء معين ، وسرٍّ معين وطبيعة معينة لا يعرفها إلا الله تعالى .
قوله : «وَحِفْظاً » في نصبه وجهان :
الأول : أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر ، أي : وحفظناها بالثواقب من الكواكب حفظاً{[48626]} .
والثاني : أنه مفعول من أجله على المعنى ؛ فإن التقدير : خلقنا الكواكب زينةً وحِفظاً{[48627]} ، قال أبو حيان «وهو تَكَلُّفٌ وعُدُولٌ عن السَّهْلِ البَيِّن »{[48628]} .
المعنى وحفظناها من الشياطين الذي يسترقون السمع ، ثم قال : «ذلِكَ » أي الذي ذكر من صُنْعَةِ «العَزِيزِ » في ملكه «العَلِيمِ » بخلقه فالعزيزُ إشارة إلى كمال القدرة ، والعليمُ إشارة إلى كمال العلم{[48629]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.