الآية 12 وقوله تعالى : { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ } أي خلقهن في يومين ؛ هو موصول بقوله تعالى : { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } [ الآية : 9 ] وكذلك بقوله{[18452]} تعالى : { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } [ الآية : 10 ] وقد ذكرنا الوجوه في ذلك .
ثم الأعجوبة في خلق السماوات ورفعها أعظم وأكبر من خلق الأرض ، وقد ذكر في خلق السماوات من الوقت مثل وقت الذي ذكر في الأرض ، وهو يومان ليُعلم أن الوقت الذي ذكر في ذلك ليس لما يتعذّر عليه ذلك ، ويصعب بدون ذلك الوقت ، ولكن لحكمة جعلها في ذلك ، لم يطلع الخلق على ذلك ، أو كانت الحكمة فيه ما ذكرنا .
وقوله تعالى : { وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا } وهم الملائكة الذين جعلهم أهلا لها . وقال بعضهم : أي أمر كل أهل سماء أمرها ، وامتحنهم بمحنة . وقال بعضهم : هو ممّا أمر به ، وأراد ، وهما واحد .
وقوله تعالى : { وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } أي بالكواكب ، وقوله : { وزيّنا السماء الدنيا } التي دنت منكم ، هي مقابل القصوى ، من الدُّنُو ، ليس أن هذه السماء التي نراها ، ونشاهدها مزيّنة بالكواكب ، هي سماء الدنيا فانية ، وغيرها من السماء الآخرة ، لا تفنى ، بل كلها تفنى ، هذه وغيرها بقوله : { يوم تُبدّل الأرض غير الأرض والسماوات } [ إبراهيم : 48 ] وقوله : { والسماوات مطويات بيمينه } [ الزمر : 67 ] فهي{[18453]} كلهن دنيويّات فانيات . دلّ أن قوله : { وزيّنا السماء الدنيا } أي التي دنت منكم ، وهي مقابل القصوى لا مقابل الآخرة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وَحِفْظًا } يحتمل وجهين :
أحدهما : أي حفظناها [ وجعلناها ]{[18454]} محفوظة بما ذكر من أن يسترق الشياطين والجن أسماعهم إلى خبر السماء وما يتحدث به الملائكة في ما بينهم ، فيلقون ذلك على أسماع أهل الأرض على ما كانوا يفعلون من قبل ، أي حفظناها بالكواكب التي جعل فيها لترميهم الكواكب ، وتقذفهم ، ليكون سماع ذلك من جهة الوحي عن لسان الرسول صلى الله عليه وسلم دون إلقاء من ذكر ، وهو كما ذكر في آية أخرى حين{[18455]} قال : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ } { وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ } { لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى } الآية [ الصافات : 6 و7 و8 ] .
[ والثاني ]{[18456]} : { وحفظا } أي حفظناها على ما هي حتى لا تسقط على الخلق كقوله : { إن الله يُمسك السماوات والأرض أن تزولا } [ فاطر : 41 ] وقوله : { ويمسك السماء أن تقع على الأرض } [ الحج : 65 ] ونحوه .
وقوله تعالى : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } يقول : { ذلك } الذي ذكر كله ، وصنع ، هو { تقدير العزيز العليم } أي تقدير من لا يعجزه شيء ، ولا يخفى عليه شيء .
ويحتمل قوله : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } أي تقدير من له العز الذاتي والعلم الأزليّ ، لا أنه قدّر ذلك ، وصنع ، ليستفيد بذلك العزّ والعلم ؛ إذ هو عزيز بذاته ، وعليم /483–ب/ بذاته ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.