{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات } أي : خلقهنّ وأحكمهنّ وفرغ منهنّ ، كما في قول الشاعر :
وعليهما مسرودتان قضاهما *** داود إذ صبغ السوابغ تبع
والضمير في : " قضاهنّ " إما راجع إلى السماء على المعنى ؛ لأنها سبع سماوات ، أو مبهم مفسر بسبع سماوات ، وانتصاب { سبع سماوات } على التفسير ، أو على البدل من الضمير . وقيل : إن انتصابه على أنه المفعول الثاني لقضاهنّ ؛ لأنه مضمن معنى صبرهنّ . وقيل : على الحال ، أي قضاهنّ حال كونهنّ معدودات بسبع ، ويكون قضى بمعنى : صنع ، وقيل : على التمييز ، ومعنى { فِي يَوْمَيْنِ } كما سبق في قوله : { خَلَقَ الأرض في يَوْمَيْنِ } ، فالجملة ستة أيام ، كما في قوله سبحانه : { خُلِقَ السموات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } [ هود : 7 ] ، وقد تقدّم بيانه في سورة الأعراف . قال مجاهد : ويوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدّون . قال عبد الله بن سلام : خلق الأرض في يوم الأحد ، ويوم الاثنين ، وقدّر فيها أقواتها يوم الثلاثاء ، ويوم الأربعاء ، وخلق السماوات في يوم الخميس ويوم الجمعة ، وقوله : { وأوحى في كُلّ سَمَاء أَمْرَهَا } عطف على قضاهنّ . قال قتادة والسدّي : أي خلق فيها شمسها ، وقمرها ، ونجومها ، وأفلاكها ، وما فيها من الملائكة ، والبحار ، والبرد ، والثلوج . وقيل المعنى : أوحى فيها ما أراده وما أمر به ، والإيحاء قد يكون بمعنى : الأمر كما في قوله : { بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى } [ الزلزلة : 5 ] ، وقوله : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين } [ المائدة : 111 ] أي أمرتهم .
وقد استشكل الجمع بين هذه الآية ، وبين قوله : { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها } [ النازعات : 30 ] ، فإن ما في هذه الآية من قوله : { ثُمَّ استوى إِلَى السماء } مشعر بأن خلقها متأخر عن خلق الأرض ، وظاهره يخالف قوله : { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها } ، فقيل : إن { ثم } في { ثُمَّ استوى إِلَى السماء } ليست للتراخي الزماني بل للتراخي الرتبي ، فيندفع الإشكال من أصله . وعلى تقدير أنها للتراخي الزماني ، فالجمع ممكن بأن الأرض خلقها متقدّم على خلق السماء ، ودحوها بمعنى بسطها ، وهو أمر زائد على مجرّد خلقها ، فهي متقدّمة خلقاً متأخرة دحواً ، وهذا ظاهر ، ولعله يأتي عند تفسيرنا لقوله : { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها } زيادة إيضاح للمقام إن شاء الله : { وَزَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح } أي بكواكب مضيئة متلألئة عليها كتلؤلؤ المصابيح ، وانتصاب { حافظا } على أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف ، أي وحفظناها حفظاً ، أو على أنه مفعول لأجله على تقدير : وخلقنا المصابيح زينة وحفظاً ، والأوّل أولى . قال أبو حبان : في الوجه الثاني هو تكلف ، وعدول عن السهل البين ، والمراد بالحفظ : حفظها من الشياطين الذين يسترقون السمع ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما تقدّم ذكره { تَقْدِيرُ العزيز العليم } أي البليغ القدرة الكثير العلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.