المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

87- ولقد آتيناك - أيها النبي الأمين - سبع آيات من القرآن ، هي الفاتحة التي تكررها في كل صلاة ، وفيها الضراعة لنا ، وكمال طلب الهداية ، وأعطيناك القرآن العظيم كله ، وفيه الحجة والإعجاز ، فأنت بهذا القوى الذي يجدر منه الصفح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

قوله تعالى : { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني } ، قال عمر وعلي : هي فاتحة الكتاب . وهو قوم قتادة وعطاء والحسن وسعيد بن جبير .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم " . وعن ابن مسعود قال في السبع المثاني : هي فاتحة الكتاب ، والقرآن العظيم : هو سائر القرآن . واختلفوا في أن الفاتحة لم سميت مثاني ؟ قال ابن عباس والحسن وقتادة : لأنها تثنى في الصلاة فتقرأ في كل ركعة . وقيل : لأنها مقسومة بين الله وبين العبد نصفين ، نصفها ثناء ونصفها دعاء كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " . قال الحسين بن الفضل : سميت مثاني لأنها نزلت مرتين : مرة بمكة ، ومرة بالمدينة ، كل مرة معها سبعون ألف ملك . وقال مجاهد : سميت مثاني لأن الله تعالى استثناها وادخرها لهذه الأمة فما أعطاها غيرهم . وقال أبو زيد البلخي : سميت مثاني لأنها تثني أهل الشر عن الفسق ، مكن قول العرب : ثنيت عناني . وقيل : لأن أولها ثناء . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : إن السبع المثاني هي السبع الطوال ، أولها سورة البقرة ، وآخرها الأنفال مع التوبة . وقال بعضهم : سورة يونس بدل الأنفال .

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، حدثنا أبو محمد الحسن ابن أحمد المخلدي أنبأنا ا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد وعبد الله بن محمد بن مسلم قالا : أنبأنا هلال بن العلاء ، حدثنا حجاج بن محمد عن أيوب بن عتبة ، عن يحيى بن كثير ، عن شداد ابن عبد الله ، عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى أعطاني السبع الطوال مكان التوراة ، وأعطاني المئين مكان الإنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني ، وفضلني ربي بالمفصل " . وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوتي النبي صلى الله عليه وسلم السبع الطوال ، وأعطي موسى ستا فلما ألقى الألواح رفع ثنتان وبقي أربع . قال ابن عباس : وإنما سميت السبع الطوال مثاني لأن الفرائض والحدود والأمثال والخبر والعبر ثنيت فيها . وقال طاووس : القرآن كله مثاني قال الله تعالى : { الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني } [ الزمر-23 ] . وسمي القرآن مثاني لأن الأنبياء والقصص ثنيت فيه . وعلى هذا القول : المراد بالسبع : سبع أسباع القرآن ، فيكون تقديره على هذا : وهي القرآن العظيم . وقيل : الواو مقحمة ، مجازه : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

يقول تعالى ممتنًّا على رسوله { ولقد آتيناك سبعا من المثاني } وهن -على الصحيح- السور السبع الطوال : " البقرة " و " آل عمران " و " النساء " و " المائدة " و " الأنعام " و " الأعراف " و " الأنفال " مع " التوبة " أو أنها فاتحة الكتاب لأنها سبع آيات ، فيكون عطف { القرآن العظيم } على ذلك من باب عطف العام على الخاص ، لكثرة ما في المثاني من التوحيد ، وعلوم الغيب ، والأحكام الجليلة ، وتثنيتها فيها .

وعلى القول بأن " الفاتحة " هي السبع المثاني معناها : أنها سبع آيات ، تثنى في كل ركعة ، واذا كان الله قد أعطاه القرآن العظيم مع السبع المثاني كان قد أعطاه أفضل ما يتنافس فيه المتنافسون ، وأعظم ما فرح به المؤمنون ، { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } ولذلك قال بعده :

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

ثم أتبع - سبحانه - هذه التسلية والبشارة للرسول صلى الله عليه وسلم ، بمنة ونعمة أجل وأعظم من كل ما سواها ، ليزيده اطمئنانًا وثقة بوعد الله - تعالى - فقال : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المثاني والقرآن العظيم } .

والمراد بالسبع المثانى : صورة الفاتحة . وسميت بذلك ، لأنها سبع آيات ، ولأنها تثنى أى تكرر في كل ركعة من ركعات الصلاة .

قال صاحب الكشاف : " والمثانى من التثنية وهى التكرير للشئ ، لأن الفاتحة تكرر قراءتها في الصلاة . أو من الثناء ، لاشتمالها على ما هو ثناء على الله - تعالى - . . . " .

والمعنى : ولقد أعطيناك - أيها الرسول الكريم - سورة الفاتحة التي هي سبع آيات ، والتى تعاد قراءتها في كل ركعة من ركعات الصلاة ، وأعطيناك - أيضًا - القرآن العظيم الذي يهدى للطريق التي هي أقوم .

وأوثر فعل { آتيناك } بمعنى أعطيناك على أوحينا إليك ، أو أنزلنا عليك ؛ لأن الإِعطاء أظهر في الإِكرام والإِنعام .

وقوله { والقرآن العظيم } معطوف على { سبعًا } من باب عطف الكل على الجزء ، اعتناء بهذا الجزء .

ووصف - سبحانه - القرآن بأنه عظيم ، تنويهًا بشأنه ، وإعلاء لقدره .

ومما يدل على أن المراد بالسبع المثانى سورة الفاتحة ما أخرجه البخارى بسنده عن أبى سعيد بن المعلى قال : " مر بى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا أصلى ، فدعانى فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال : ما منعك أن تأتينى ؟ فقلت : كنت أصلى .

فقال : ألم يقل الله : { ياأيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم } .

ثم قال : ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد ؟ ثم ذهب النبى صلى الله عليه وسلم ليخرج ، فذكرته فقال : { الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } هي السبع المثانى والقرآن العظيم الذي أوتيته " .

وروى البخارى - أيضًا - عن أبى هريرة قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم : " أم القرآن هى : السبع المثانى والقرآن العظيم " .

هذا ، وهناك أقوال أخرى في المقصود بالسبع المثانى ، ذكرها بعض المفسرين فقال : اختلف العلماء في السبع المثانى : فقيل الفاتحة . قاله على بن أبى طالب ، وأبو هريرة ، والربيع بن أنس ، وأبو العالية ، والحسن وغيرهم . وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة من حديث أبى بن كعب وأبى سعيد بن المعلى . . .

وقال ابن عباس : هي السبع الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال والتوبة معًا . . .

وأنكر قوم هذا وقالوا : أنزلت هذه الآية بمكة ، ولم ينزل من السبع الطوال شيء إذ ذاك .

وقيل : المثانى القرآن كله ، قال الله - تعالى - { كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } هذا قول الضحاك وطاووس ، وقاله ابن عباس . وقيل له : مثانى ، لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه . . .

وقيل : المراد بالسبع المثانى أقسام القرآن من الأمر والنهى والتبشير والإِنذار . .

ثم قال : والصحيح الأول لأنه نص . وقد قدمنا في الفاتحة أنه ليس في تسميتها بالمثانى ما يمنع من تسمية غيرها بذلك ، إلا أنه إذا ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم وثبت عنه نص في شيء لا يحتمل التأويل ، كان الوقوف عنده .

والذى نراه ، أن المقصود بالسبع المثانى هنا : سورة الفاتحة ، لثبوت النص الصحيح بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومتى ثبت النص الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم في شيء فلا كلام لأحد معه أو بعده صلى الله عليه وسلم

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

85

يتصل بهذا الحق الكبير تلك الرسالة التي جاء بها الرسول . وذلك القرآن الذي أوتيه :

( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) .

والمثاني الأرجح أن المقصود بها آيات سورة الفاتحة السبع - كما ورد في الأثر - فهي تثنى وتكرر في الصلاة ، أو يثنى فيها على الله .

و القرآن العظيم سائر القرآن .

والمهم أن وصل هذا النص بآيات خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق والساعة الآتية لا ريب فيها ، يشي بالاتصال بين هذا القرآن والحق الأصيل الذي يقوم به الوجود وتقوم عليه الساعة . فهذا القرآن من عناصر ذلك الحق ، وهو يكشف سنن الخالق ويوجه القلوب إليها ، ويكشف آياته في الأنفس والآفاق ويستجيش القلوب لإدراكها ، ويكشف أسباب الهدى والضلال ، ومصير الحق والباطل ، والخير والشر والصلاح والطلاح . فهو من مادة ذلك الحق ومن وسائل كشفه وتبيانه . وهو أصيل أصالة ذلك الحق الذي خلقت به السماوات والأرض . ثابت ثبوت نواميس الوجود ، مرتبط بتلك النواميس . وليس أمرا عارضا ولا ذاهبا . إنما يبقى مؤثرا في توجيه الحياة وتصريفها وتحويلها ، مهما يكذب المكذبون ، ويستهزيء المستهزئون ، ويحاول المبطلون ، الذين يعتمدون على الباطل ، وهو عنصر طاريء زائل في هذا الوجود .

ومن ثم فإن من أوتي هذه المثاني وهذا القرآن العظيم ، المستمد من الحق الأكبر ، المتصل بالحق الأكبر . . لا يمتد بصره ولا تتحرك نفسه لشيء زائل في هذه الأرض من أعراضها الزوائل . ولا يحفل مصير أهل الضلال ، ولا يهمه شأنهم في كثير ولا قليل . إنما يمضي في طريقه مع الحق الأصيل :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

يقول تعالى لنبيه : كما آتيناك القرآن العظيم ، فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها ، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه ، فلا تغبطهم بما هم فيه ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزنا عليهم في تكذيبهم لك ، ومخالفتهم دينك . { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 215 ] أي : ألِن لهم جانبك{[16230]} كما قال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [ التوبة : 128 ]

وقد اختلف في السبع المثاني : ما هي ؟

فقال ابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك وغير واحد : هي السبع الطُّوَل . يعنون : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس ، نص عليه ابن عباس ، وسعيد بن جبير .

وقال سعيد : بيَّن{[16231]} فيهن الفرائض ، والحدود ، والقصص ، والأحكام .

وقال ابن عباس : بين{[16232]} الأمثال والخَبَر والعِبَر{[16233]}

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر قال : قال سفيان : { الْمَثَانِي } الْمُثَنَّى :{[16234]} البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال وبراءة{[16235]} سورة واحدة .

قال ابن عباس : ولم يُعْطهن أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعطي موسى منهن اثنتين . رواه هُشَيْم ، عن الحجاج ، عن الوليد بن العيزار{[16236]} عن سعيد بن جبير عنه .

[ و ]{[16237]} قال الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوتي النبي صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني الطُّوَل ، وأوتي موسى ، عليه السلام ، ستًّا ، فلما ألقى الألواح ارتفع{[16238]} اثنتان وبقيت أربع .

وقال مجاهد : هي السبع الطُوَل . ويقال : هي القرآن العظيم .

وقال خَصِيف ، عن زياد بن أبي مريم في قوله تعالى : { سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي } قال : أعطيتك سبعة أجزاء : آمر ، وأنهى ، وأبشر{[16239]} وأنذر ، وأضرب الأمثال ، وأعدد النعم ، وأنبئك بنبأ{[16240]} القرآن . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .

والقول الثاني : أنها الفاتحة ، وهي سبع آيات . رُوي ذلك عن عمر وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس . قال ابن عباس : والبسملة هي{[16241]} الآية السابعة ، وقد خصكم الله بها . وبه قال إبراهيم النخعي ، وعبد الله بن عبيد بن عُمَيْر ، وابن أبي مليكة ، وشَهْر بن حَوْشَب ، والحسن البصري ، ومجاهد .

وقال قتادة : ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب ، وأنهن يثنين{[16242]} في كل قراءة . وفي رواية : في كل ركعة مكتوبة أو تطوع .

واختاره ابن جرير ، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك ، وقد قدمناها في فضائل سورة " الفاتحة " في أول التفسير ، ولله الحمد .

وقد أورد البخاري ، رحمه الله ، هاهنا حديثين :

أحدهما : قال : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غُنْدر ، حدثنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ، فدعاني فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال : " ما{[16243]} منعك أن تأتيني{[16244]} ؟ " . فقلت : كنت أصلي . فقال : " ألم يقل الله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ } [ الأنفال : 24 ] ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد ؟ " فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج ، فذكرته{[16245]} فقال : " { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الفاتحة : 2 ] هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته " {[16246]}

[ و ]{[16247]} الثاني : قال : حدثنا آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، حدثنا المقبري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أم القرآن هي : السبع المثاني والقرآن العظيم " {[16248]}

فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم ، ولكن لا ينافي{[16249]} وصف غيرها من السبع الطُّوَل بذلك ، لما فيها من هذه الصفة ، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضًا ، كما قال تعالى : { اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ } [ الزمر : 23 ] فهو مثاني من وجه ، ومتشابه من وجه ، وهو القرآن العظيم

أيضًا ، كما أنه ، عليه السلام{[16250]} لما سُئل عن المسجد الذي أسس على التقوى ، فأشار إلى مسجده ، والآية نزلت في مسجد قُباء ، فلا تنافي ، فإن{[16251]} ذكر الشيء لا ينفي{[16252]} ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة ، والله أعلم .


[16230]:في ت: "جنابك".
[16231]:في ت، أ: "ثنى".
[16232]:في ت، أ: "ثنى".
[16233]:في ت: "الخير والشر".
[16234]:في ت: "المبين".
[16235]:في ت: "وبراءة والأنفال".
[16236]:في ت: "العيزان".
[16237]:زيادة من ت، أ:
[16238]:في ت، أ: "رفعت".
[16239]:في أ: "وبشر".
[16240]:في أ: "نبأ".
[16241]:في أ: "على".
[16242]:في ت: "يتبين" وفي أ: "تثنى".
[16243]:في أ: "ماذا".
[16244]:في ت، أ: "تأتي".
[16245]:في ت، أ: "فذكرت".
[16246]:صحيح البخاري برقم (4703).
[16247]:زيادة من أ.
[16248]:صحيح البخاري برقم (4704).
[16249]:في ت: "لا تنافي".
[16250]:في أ: "صلى الله عليه وسلم".
[16251]:في ت: "لأن".
[16252]:في ت: "ينافي".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } .

اختلف أهل التأويل في معنى السبع الذي أتى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من المثاني فقال بعضهم عني بالسبع : السبع السور من أوّل القرآن اللواتي يُعْرفن بالطول . وقائلو هذه المقالة مختلفون في المثاني ، فكان بعضهم يقول : المثاني هذه السبع ، وإنما سمين بذلك لأنهن ثُنّيَ فيهنّ الأمثالُ والخبرُ والعِبَر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن يونس ، عن ابن سيرين ، عن ابن مسعود في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : السبع الطّولَ .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن سعيد الجريريّ ، عن رجل ، عن ابن عمر قال : السبع الطّوَل .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمَان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : السبع الطّوَل .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن الحجاج ، عن الوليد بن العيزار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : هنّ السبع الطّوَل ، ولم يُعطَهن أحد إلا النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأُعطيَ موسى منهنّ اثنتين .

حدثنا ابن وكيع ، وابن حميد ، قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مسلم البَطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أوتي النبيّ صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني الطّوَل ، وأوتي موسى ستّا ، فلما ألقى الألواح رُفعت اثنتان وبقيت أربع .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عليّ بن عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف . قال إسرائيل : وذكر السابعة فنسيتها .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : هي الطّوَل : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في هذه الاَية : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآنَ العَظِيمَ قال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء والمائدة والأنعام ، والأعراف ، ويونس ، فيهنّ الفرائض والحدود .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، بنحوه .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن أبي خالد ، عن خوّات ، عن سعيد بن جبير ، قال : السبع الطّوَل .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال أبو بشر : أخبرنا عن سعيد بن جبير ، قال : هنّ السبع الطّوَل . قال : وقال مجاهد : هن السبع الطّول . قال : ويقال : هنّ القرآن العظيم .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا سعيد ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس ، تُثْنى فيها الأحكام والفرائض .

حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : هن السبع الطّوَل .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، يونس . قال : قلت : ما المثاني ؟ قال : يثنى فيهنّ القضاء والقَصص .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : السبع الطّوَل .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو خالد القرشي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو خالد ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت ليثا ، عن مجاهد ، قال : هي السبع الطّوَل .

حدثنا الحسن بن محمد بن عبيد الله ، قال : حدثنا عبد الملك ، عن قيس ، عن مجاهد ، في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : هي السبع الطّوَل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآنَ العَظِيمَ قال : من القرآن السبع الطّوَل السبع الأُوَل .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن فضيل وابن نمير ، عن عبد الملك ، عن قيس ، عن مجاهد ، قال : هنّ السبع الطّوَل .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : السبع الطّوَل .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن سفيان ، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : هي الأمثال وَالخَبر والعِبَر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن إسماعيل ، عن خوّات ، عن سعيد بن جبير ، قال : هي السبع الطّوَل ، أعطِيَ موسى ستّا ، وأُعطِيَ محمد صلى الله عليه وسلم سبعا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : سَبْعا مِنَ المَثانِي يعني السبع الطّوَل .

وقال آخرون : عني بذلك : سبع آيات وقالوا : هن آيات فاتحة الكتاب ، لأنهنّ سبع إيات . وهم أيضا مختلفون في معنى المثاني ، فقال بعضهم : إنما سمين مثاني لأنهن يثنين في كلّ ركعة من الصلاة . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : أخبرنا ابن علية ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، قال : قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر : طلبت إلى عمر حاجة في خلافته ، فقدمت ، المدينة ليلاً ، فمثلت بين أن أتخذ منزلاً وبين المسجد ، فاخترت المسجد منزلاً . فأرقت نشوا من آخر الليل ، فإذا إلى جنبي رجل يصلي يقرأ بأمّ الكتاب ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ ، فلم أعرفه حتى جَهَر ، فإذا هو عُمر ، فكانت في نفسي ، فغدوت عليه فقلت : يا أمير المؤمنين حاجة مع حاجة قال : هات حاجتك قلت إني قدِمت ليلاً فمثلت بين أن أتخذ منزلاً وبين المسجد ، فاخترت المسجد ، فأرقت نَشْوا من آخر الليل ، فإذا إلى جنبي رجل يقرأ بأمّ الكتاب ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ ، فلم أعرفه حتى جَهَر ، فإذا هو أنت ، وليس كذلك نفعل قِبَلَنا . قال : وكيف تفعلون ؟ قال : يقرأ أحدنا أمّ الكتاب ، ثم يفتتح السورة فيقرؤها . قال : ما لهم يعلَمُون ولا يعمَلُون ؟ ما لهم يعلَمُون لا يعمَلُون ؟ ما لهم يعلَمُون ولا يعمَلُون ؟ وما تبغي عن السبع المثاني وعن التسبيح صلاة الخلق .

حدثني طُلَيق بن محمد الواسطيّ ، قال : أخبرنا يزيد ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن جابر أو جويبر ، عن عُمَر بنحوه ، إلا أنه قال : فقال يقرأ القرآن ما تيسر أحيانا ، ويسبح أحيانا ، ما لهم رغبة عن فاتحة الكتاب ، وما يبتغي بعد المثاني وصلاة الخلق التسبيح .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، عن عبد خير ، عن عليّ ، قال : السبع المثاني : فاتحة الكتاب .

حدثنا نصر بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا حفص بن عمر ، عن الحسن بن صالح وسفيان ، عن السديّ ، عن عبد خير ، عن عليّ مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن السديّ ، عن عبد خير ، عن عليّ مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد جميعا ، عن سفيان ، عن السديّ ، عن عبد خير ، عن عليّ ، مثله .

حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثنا هشام ، عن ابن سيرين ، قال : سئل ابن مسعود عن سبع من المثاني ، قال : فاتحة الكتاب . قال : وقال ابن سيرين عن ابن مسعود : هي فاتحة الكتاب .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن ، في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن يونس ، عن ابن سيرين ، عن ابن مسعود : سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب .

حدثني سعيد بن يحيى الأُمَويّ ، قال : ثني أبي ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرنا أبي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول الله تعالى : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : هي فاتحة الكتاب . فقرأها عليّ ستّا ، ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم الاَية السابعة . قال سعيد : وقرأها ابن عباس عليّ كما قرأها عليك ، ثم قال الاَية السابعة : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال ابن عباس : قد أخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن جريج ، أن أباه حدّثه ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال لي ابن عباس : فاستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ فاتحة الكتاب ، ثم قال : تدري ما هذا ؟ وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي يقول : السبع : الحمد لله رب العالمين ، والقرآن العظيم . ويقال : هنّ السبع الطول ، وهن المئون .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : فاتحة الكتاب .

حدثني عمران بن موسى القزاز ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا إسحاق ، بن سويد ، عن يحيى بن يعمر وعن أبي فاختة في هذه الاَية : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآن العَظِيمَ قالا : هي أمّ الكتاب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن السدي عمن سمع عليّا يقول : الحمد لله ربّ العالمين ، هي السبع المثاني .

حدثنا أبو المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت العلاء بن عبد الرحمن ، يحدّث عن أبيه ، عن أبيّ بن كعب ، أنه قال : السبع المثاني : الحمد لله رب العالمين .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قول الله تعالى : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب سبع آيات . قلت للربيع : إنهم يقولون : السبع الطول . فقال : لقد أنزلت هذه وما أنزل من الطّول شيء .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر الرازيّ ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، قال : فاتحة الكتاب . قال : وإنما سميت المثاني لأنه يثنى بها كلما قرأ القرآن قرأها . فقيل لأبي العالية : إن الضحاك بن مزاحم يقول : هي السبع الطّوَل . فقال : لقد نزلت هذه السورة سبعا من المثاني وما أنزل شيء من الطّوَل .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، قال : فاتحة الكتاب .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي جميعا ، عن سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم ، قال : فاتحة الكتاب .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد جميعا ، عن هارون بن أبي إبراهيم البربري ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : السبع من المثاني : فاتحة الكتاب .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن ابن جريج ، عن أبي مليكة : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب . قال : وذكر فاتحة الكتاب لنبيكم صلى الله عليه وسلم لم تذكر لنبيّ قبله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب .

حدثني محمد بن أبي خداش ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا هارون البربري ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي في قول الله تعالى : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : هي الحمد لله ربّ العالمين .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سألت الحسن ، عن قوله تعالى : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآنَ العَظيمَ قال : هي فاتحة الكتاب . ثم سئل عنها وأنا أسمع ، فقرأها : الحمد لله ربّ العالمين ، حتى أتى على آخرها ، فقال : تثنى في كلّ قراءة .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : فاتحة الكتاب .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا شريك ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : فاتحة الكتاب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآن العَظِيمَ ذكر لنا أنهنّ فاتحة الكتاب ، وأنهن يثنين في كلّ قراءة .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب تُثْنَى في كلّ ركعة مكتوبة وتطوّع .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حماد بن زيد وحجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبي عن سعيد بن جبير ، أنه أخبره أنه سأل ابن عباس عن السبع المثاني ، فقال : أمّ القرآن . قال : سعيد : ثم قرأها ، وقرأ منها : بسم الله الرحمن الرحيم . قال : أبي : قرأها سعيد كما قرأها ابن عباس ، وقرأ فيها بسم الله الرحمن الرحيم . قال سعيد : قلت لابن عباس : فما المثاني ؟ قال : هي أم القرآن ، استثناها الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فرفعها في أمّ الكتاب ، فذخرها لهم حتى خرجها لهم ، ولم يعطها لأحد قبله . قال : قلت : لأبي : أخبرك سعيد أن ابن عباس قال له : «بسم الله الرحمن الرحيم » آية من القرآن ؟ قال : نعم . قال ابن جريج : قال عطاء : فاتحة الكتاب ، وهي سبع بسم الله الرحمن الرحيم ، والمثاني : القرآن .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، أنه قال : السبع المثاني : أمّ القرآن .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبد الله العتكي ، عن خالد الحنفي قاضي مرو في قوله : وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : فاتحة الكتاب .

وقال آخرون : عُني بالسبع المثاني معاني القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب الشهيد الشهيديّ ، قال : حدثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن زياد بن أبي مريم ، في قوله : سَبْعا مِنَ المَثانِي قال : أعطيتك سبعة أجزاء : مُرْ ، وانْهَ ، وبَشّرْ ، وانذِرْ ، واضرب الأمثال ، واعدُدِ النعم ، وآتيتك نبأ القرآن .

وقال آخرون من الذين قالوا عُنِي بالسبع المثاني فاتحة الكتاب : المثاني هو القرآن العظيم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال : القرآن كله مثاني .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال : القرآن كُلّه مثاني .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا عبيد أبو زيد ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال : القرآن مثاني . وعدّ البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، وبراءة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، وعن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : القرآن كله يُثْنَى .

حدثني محمد بن سعد ، قال : قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : المثاني : ما ثنى من القرآن ، ألم تسمع لقول الله تعالى ذكره : الله نَزّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتابا مُتَشابِها مَثاني ؟ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : المثاني : القرآن ، يذكر الله القصة الواحدة مرارا ، وهو قوله : نَزّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتابا مُتَشابِها مَثانِيَ .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : عُني بالسبع المثاني السبع اللواتي هنّ آيات أم الكتاب ، لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي :

حدّثنيه يزيد بن مخلد بن خِدَاش الواسطي ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمّ القُرآنِ السّبْعُ المَثانِي الّتِي أُعْطِيتُها » .

حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا روح بن القاسم ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأُبيّ : «إنّي أُحِبّ أنْ أعُلّمَكَ سُورةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التّوْرَاةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزّبُورِ وَلا فِي الفُرْقانِ مِثْلُها » . قال : نعم يا رسول الله ، قال : «إنّى لاَءَرْجُو أنْ لا تخْرُج مِنْ هَذَا البابِ حتى تَعْلَمَها » . ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني ، فجعلت أتباطأ مخافة أن يبلغ البابَ قبل أن ينقضي الحديث فلما دنوت قلت : يا رسول الله ما السورة التي وعدتني ؟ قال : «ما تَقرأُ في الصّلاةِ ؟ » فقرأت عليه أمّ القرآن ، فقال : «والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما أُنْزِل في التّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزّبُورِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها ، إنّها السّبْعُ مِن المَثاني والقُرآنِ العَظِيمِ الّذِي أُعْطِيتُهُ » .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا زيد بن حباب العكلي ، قال : حدثنا مالك بن أنيس ، قال : أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى لعروة ، عن أبي سعيد مولى عامر بن فلان ، أو ابن فلان ، عن أبيّ بن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : «إذا افْتَتَحْت الصّلاةَ بِم تَفْتَتِحُ ؟ » قال : الحمد لله ربّ العالمين ، حتى ختمها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هِي السّبْعُ المَثاني والقُرآنُ العَظِيمُ الّذِي أُعْطِيتُ » .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن أبيّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا أُعَلّمُك سُورةً ما أُنْزِل في التّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ وَلاَ في الزّبُورِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها ؟ » قلت : بلى . قال : «إنّى لاَءَرْجُو أنْ لا تَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ البابِ حتى تَعْلَمُها » . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه ، فجعل يحدثني ويده في يدي ، فجعلت أتباطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرني بها فلما قرب من الباب قلت : يا رسول الله السورة التي وعدتني قال : «كَيْفَ تَقْرأُ إذَا افْتَتَحْتَ الصّلاةَ ؟ » قال : فقرأ فاتحة الكتاب . قال : «هِيَ هِيَ ، وَهِيَ السّبْعُ المَثانِي الّتِي قالَ اللّهُ تَعالى : وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآنَ العَظِيمَ الّذِي أُوتِيتُ » .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربيّ ، عن إبراهيم بن الفضل المدنيّ ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «الرّكْعَتانِ اللّتانِ لا يُقْرأُ فِيهِما كالخِدَاجِ لَمْ يَتِمّا » . قال رجل : أرأيت إن لم يكن معي إلاّ أمّ القرآن ؟ قال : «هي حسبك هِيَ أُمّ القُرآنِ ، هِيَ السّبْعُ المَثانِي » .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن إبراهيم بن الفضل ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الرّكْعةُ الّتِي لا يُقْرأُ فِيها كالخِدَاجِ » قلت لأبي هريرة : فإن لم يكن معي إلاّ أمّ القرآن ؟ قال : هي حسبك ، هي أمّ الكتاب ، وأمّ القرآن ، والسبع المثاني .

حدثني أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، عن محمد بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، ما أنْزَلَ اللّهُ فِي التّوْرَاةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزّبُورِ وَلا فِي الفُرْقانِ مِثْلَها » يعني أمّ القرآن «وإنّها لَهِيَ السّبْعُ المَثانِي الّتِي آتانِي اللّهُ تَعالى » .

حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «هِيَ أُمّ القُرآنِ ، وهِي فاتحَةُ الكِتابِ ، وهِي السّبْعُ المَثاني » .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا يزيد بن هارون وشبابة ، قالا : أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن المقبريّ ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في فاتحة الكتاب قال : «هِي فاتِحَةُ الكِتابِ وهِي السّبْعُ المَثاني والقُرآنُ العَظِيمُ » .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، قال : حدثنا العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبيّ بن كعب فقال : «أتُحِبّ أنْ أُعَلّمَكَ سُورةً لَمْ يَنْزِلْ في التّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزّبُورِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها ؟ » قلت : نعم يا رسول الله ، قال : «فَكَيْف تَقْرأُ في الصّلاةِ ؟ » فقرأت عليه أمّ الكتاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما أُنْزِلَتْ سُورةٌ فِي التّوْرَاةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزّبُورِ وَلا فِي الفُرْقانِ مِثْلُها ، وإنّها السّبْعُ المَثانِي والقُرآنُ العَظِيمُ » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا سعيد بن حبيب ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى ، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم دعاه وهو يصلي ، فصلى ، ثم أتاه فقال : «ما مَنَعَكَ أنْ تُجِيبَنِي ؟ » قال : إني كنت أصلي ، قال : «ألَمْ يَقُلِ اللّهُ : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وللرّسُولِ إذَا دَعاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ؟ » قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لاَعَلّمَنّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرآنِ » فكأنه بينها أو نسي . فقلت : يا رسول الله الذي قلت ؟ قال : «الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ هِيَ السّبْعُ المَثانِي والقرآنُ العَظِيمُ الّذِي أُوتِيتُهُ » .

فإذ كان الصحيح من التأويل في ذلك ما قلنا للذي به استشهدنا ، فالواجب أن تكون المثاني مرادا بها القرآن كله ، فيكون معنى الكلام : ولقد آتيناك سبع آيات مما يَثْنيِ بعض آيه بعضا . وإذا كان ذلك كذلك كانت المثاني : جمع مَثْناة ، وتكون آي القرآن موصوفة بذلك ، لأن بعضها يَثْنِي بعضا وبعضها يتلو بعضا بفصول تفصل بينها ، فيعرف انقضاء الاَية وابتداء التي تليها كما وصفها به تعالى ذكره فقال : اللّهُ نَزّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابا مُتَشابِها مَثانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْن رَبّهُمْ . وقد يجوز أن يكون معناها كما قال ابن عباس والضحاك ومن قال ذلك إن القرآن إنما قيل له مَثَانى لأن القصص والأخبار كرّرت فيه مرّة بعد أخرى . وقد ذكرنا قول الحسن البصريّ أنها إنما سميت مَثانى لأنها تُثْنَى في كلّ قراءة ، وقول ابن عباس إنها إنما سميت مثانى ، لأن الله تعالى ذكره استثناها لمحمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء غيره فادّخرها له .

وكان بعض أهل العربية يزعم أنها سمت مَثَانِيَ لأن فيها الرحمن الرحيم مرّتين ، وأنها تُثْنَى في كلّ سورة ، يعني : بسم الله الرحمن الرحيم .

وأما القول الذي اخترناه في تأويل ذلك ، فهو أحد أقوال ابن عباس ، وهو قول طاوس ومجاهد وأبي مالك ، وقد ذكرنا ذلك قبل .

وأما قوله : والقُرآنَ العَظِيمَ فإن القرآن معطوف على السبع ، بمعنى : ولقد آتيناك سبع آيات من القرآن وغير ذلك من سائر القرآن . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : والقُرآنَ العَظِيمَ قال : سائره : يعني سائر القرآن مع السبع من المثاني .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : والقُرآنَ العَظِيمَ يعني : الكتاب كله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

{ ولقد آتيناك سبعا } سبعة آيات وهي الفاتحة . وقيل سبع سور وهي الطوال وسابعتها " الأنفال " و " التوبة " فإنهما في حكم سورة ولذلك لم يفصل بينهما بالتسمية . وقيل " التوبة " وقيل " يونس " أو الحواميم السبع . وقيل سبع صحائف وهي الأسباع . { من المثاني } بيان للسبع والمثاني من التثنية ، أو الثناء فإن كل ذلك مثنى تكرر قراءته ، أو ألفاظه أو قصصه ومواعظة أو مثني عليه يالبلاغة والإعجاز ، أو مثن على الله بما هو أهله من صفاته العظمى وأسمائه الحسنى ، ويجوز أن يراد ب { المثاني } القرآن أو كتب الله كلها فتكون { من } للتبعيض . { والقرآن العظيم } إن أريد بالسبع الآيات أو السور فمن عطف الكل على البعض أو العام على الخاص ، وإن أريد به الأسباع فمن عطف أحد الوصفين على الآخر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

اعتراض بين جملة { فاصفح الصفح الجميل } [ سورة الحجر : 85 ] وجملة ولقد آتيناك سبعاً } الآية .

أتبع التسلية والوعد بالمنّة ليذكر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنّعمة العظيمة فيطمئن بأنه كما أحسن إليه بالنّعم الحاصلة فهو منجزه الوعود الصادقة .

وفي هذا الامتنان تعريض بالردّ على المكذبين . وهو ناظر إلى قوله : { وقالوا يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } إلى قوله تعالى : { وإنا له لحافظون } [ سورة الحجر : 9 ] .

فالجملة عطف على الجمل السابقة عطف الغرض على الغرض والقصّة على القصّة . وهذا افتتاح غرض من التنويه بالقرآن والتحقير لعيش المشركين .

وإيتاء القرآن : أي إعطاؤه ، وهو تنزيله عليه والوحي به إليه .

وأوثر فعل { آتيناك } دون ( أوحينا ) أو ( أنزلنا ) لأن الإعطاء أظهر في الإكرام والمنّة .

وجَعْل { القرآن } معطوفاً على { سبعاً من المثاني } يشعر بأن السبع المثاني من القرآن . وذلك ما درج عليْه جمهور المفسّرين ودلّ عليْه الحديث الآتي .

وقد وصف القرآن في سورة الزمر ( 23 ) بالمثاني في قوله تعالى : { الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني } فتعين أن السبع هي أشياء تجري تسميتها على التأنيث لأنّها أجري عليها اسم عدد المؤنّث . ويتعيّن أن المراد آيات أو سور من القرآن ، وأن { مِن } تبعيضية . وذلك أيضاً شأن { مِن } إذا وقعت بعد اسم عدد . وأن المراد أجزاء من القرآن آيات أو سور لها مزية اقتضت تخصيصها بالذكر من بين سائر القرآن ، وأنّ المثاني أسماء القرآن كما دلّت عليه آية الزّمر ، وكما اقتضته { من } التبعيضية ، ولكون المثاني غير السبع مغايرة بالكليّة والجزئية تصحيحاً للعطف .

و { المثاني } يجوز أن يكون جمع مُثَنّى بضم الميم وتشديد النّون اسم مفعول مشتقاً من ثَنّى إذا كرّر تكريرة . قيل { المثاني } جمع مثناة بفتح الميم وسكون الثاء المثلّثة وبهاء تأنيث في آخره . فهو مشتق من اسم الاثنين .

والأصح أن السبع المثاني هي سورة فاتحة الكتاب لأنّها يثنى بها ، أي تعاد في كلّ ركعة من الصلاة فاشتقاقها من اسم الإثنين المراد به مطلق التكرير ، فيكون استعماله هذا مجازاً مرسلاً بعلاقة الإطلاق ، أو كناية لأن التّكرير لازم كما استعملت صيغة التثنية فيه في قوله تعالى : { ثم ارجع البصر كرّتين } [ سورة الملك : 4 ] أي كرّات وفي قولهم : لبّيْك وسعديك ودواليْك .

أو هو جمع مَثناة مصدراً ميمياً على وزن المفعلة أطلق المصدر على المفعول .

ثم إن كان المراد بالسبع سبع آيات فالمؤتى هو سورة الفاتحة لأنها سبع آيات وهذا الذي ثبت عن رسول الله في حديث أبي سعيد بن المعلى وأبيّ بن كعب وأبي هُريرة في الصحيح عن رسول الله أن أمّ القرآن هي السبع المثاني فهو الأوْلى بالاعتماد عليه .

وقد تقدم ذلك في ذكر أسماء الفاتحة .

ومعنى التكرير في الفاتحة أنّها تكرّر في الصّلاة .

وعن ابن عبّاس : أن السبع المثاني هي السور السبع الطوال : أولاها البقرة وآخرها براءة . وقيل : السور الّتي فوق ذوات المئين .

وعطْفُ القرآن } على السبع من عطف الكل على الجزء لقصد التعميم ليعلم أن إيتاء القرآن كلّه نعمة عظيمة . وفي حديث أبي سعيد بن المعلّى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " وَالقرآنُ العظيم الّذي أوتيتُه " على تأويله بأن كلمة « القرآن » مرفوعة بالابتداء « والّذي أوتيتُه » خبره .

وأجري وصف { العظيم } على القرآن تنويهاً به .

وإن كان المراد بالسبع سوراً كما هو مروي من قول ابن عباس وكثير من الصّحابة والسّلف واختلفوا في تعيينها بما لا ينثلج له الصدر ، فيكون إبهامها مقصوداً لصرف الناس للعناية بجميع ما نزل من سور القرآن كما أبهمت ليلة القدر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولقد آتيناك سبعا من المثاني}، يعني: ولقد أعطيناك فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات،

{والقرآن} كله مثاني.

ثم قال: {العظيم} يعني: سائر القرآن كله.

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن رشد: قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: السبع المثاني: أم القرآن، قال الله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني}.

ابن جرير: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا زيد بن حباب الحكلي قال: ثنا مالك بن أنس، قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى لعروة، عن أبي سعيد مولى عامر ابن فلان، أو ابن فلان، عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا افتتحت الصلاة بم تفتتح؟) قال: الحمد لله رب العالمين، حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت).

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في معنى السبع الذي أتى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من المثاني؛ فقال بعضهم عني بالسبع: السبع السور من أوّل القرآن اللواتي يُعْرفن بالطول. وقائلو هذه المقالة مختلفون في المثاني، فكان بعضهم يقول: المثاني هذه السبع، وإنما سمين بذلك لأنهن ثُنّيَ فيهنّ الأمثالُ والخبرُ والعِبَر... عن سعيد بن جبير، في قوله:"وَلَقَد آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي" قال: هي الطّوَل: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس...

وقال آخرون: عني بذلك: سبع آيات وقالوا: هن آيات فاتحة الكتاب، لأنهنّ سبع آيات. وهم أيضا مختلفون في معنى المثاني؛ فقال بعضهم: إنما سمين مثاني لأنهن يثنين في كلّ ركعة من الصلاة...

عن أبي العالية، قال: فاتحة الكتاب. قال: وإنما سميت المثاني لأنه يثنى بها كلما قرأ القرآن قرأها...

عن قتادة: "سَبْعا مِنَ المَثانِي "قال: فاتحة الكتاب تُثْنَى في كلّ ركعة مكتوبة وتطوّع...

وقال آخرون: عُني بالسبع المثاني معاني القرآن... عن زياد بن أبي مريم، في قوله: "سَبْعا مِنَ المَثانِي" قال: أعطيتك سبعة أجزاء: مُرْ، وانْهَ، وبَشّرْ، وأنذِرْ، واضرب الأمثال، واعدُدِ النعم، وآتيتك نبأ القرآن.

وقال آخرون من الذين قالوا عُنِي بالسبع المثاني فاتحة الكتاب: المثاني هو القرآن العظيم...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: عُني بالسبع المثاني السبع اللواتي هنّ آيات أم الكتاب، لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي:

حدّثنيه يزيد بن مخلد بن خِدَاش الواسطي، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمّ القُرآنِ السّبْعُ المَثانِي الّتِي أُعْطِيتُها».

حدثني أحمد بن المقدام العجلي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا روح بن القاسم، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأُبيّ: «إنّي أُحِبّ أنْ أعُلّمَكَ سُورةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التّوْرَاةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزّبُورِ وَلا فِي الفُرْقانِ مِثْلُها». قال: نعم يا رسول الله، قال: «إنّي لأرْجُو أنْ لا تخْرُج مِنْ هَذَا البابِ حتى تَعْلَمَها». ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني، فجعلت أتباطأ مخافة أن يبلغ البابَ قبل أن ينقضي الحديث فلما دنوت قلت: يا رسول الله ما السورة التي وعدتني؟ قال: «ما تَقرأُ في الصّلاةِ؟» فقرأت عليه أمّ القرآن، فقال: «والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما أُنْزِل في التّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزّبُورِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها، إنّها السّبْعُ مِن المَثاني والقُرآنِ العَظِيمِ الّذِي أُعْطِيتُهُ».

... فإذ كان الصحيح من التأويل في ذلك ما قلنا للذي به استشهدنا، فالواجب أن تكون المثاني مرادا بها القرآن كله، فيكون معنى الكلام: ولقد آتيناك سبع آيات مما يَثْنيِ بعض آيه بعضا. وإذا كان ذلك كذلك كانت المثاني: جمع مَثْناة، وتكون آي القرآن موصوفة بذلك، لأن بعضها يَثْنِي بعضا وبعضها يتلو بعضا بفصول تفصل بينها، فيعرف انقضاء الآية وابتداء التي تليها كما وصفها به تعالى ذكره فقال: "اللّهُ نَزّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابا مُتَشابِها مَثانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْن رَبّهُمْ". وقد يجوز أن يكون معناها كما قال ابن عباس والضحاك ومن قال ذلك إن القرآن إنما قيل له مَثَاني لأن القصص والأخبار كرّرت فيه مرّة بعد أخرى. وقد ذكرنا قول الحسن البصريّ أنها إنما سميت مَثاني لأنها تُثْنَى في كلّ قراءة، وقول ابن عباس إنها إنما سميت مثاني، لأن الله تعالى ذكره استثناها لمحمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء غيره فادّخرها له.

وكان بعض أهل العربية يزعم أنها سمت مَثَانِيَ لأن فيها الرحمن الرحيم مرّتين، وأنها تُثْنَى في كلّ سورة، يعني: بسم الله الرحمن الرحيم.

وأما القول الذي اخترناه في تأويل ذلك، فهو أحد أقوال ابن عباس، وهو قول طاوس ومجاهد وأبي مالك، وقد ذكرنا ذلك قبل.

وأما قوله: "والقُرآنَ العَظِيمَ" فإن القرآن معطوف على السبع، بمعنى: ولقد آتيناك سبع آيات من القرآن وغير ذلك من سائر القرآن.

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

{ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}

تقديره: أن كل من أوتي القرآن العظيم حق له أن لا ينظر إلى الدنيا نظرة باستحلاء، فضلا عن أن يكون له فيها رغبة، وليلزم الشكر على ذلك، فإنها الكرامة التي حرص خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن يمن بها على أبيه فلم يفعل، وحرص حبيبه المصطفى أن يمن بها على عمه أبي طالب فلم يفعل. [منهاج العابدين: 329-330].

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

و {المثاني} من التثنية وهي التكرير؛ لأن الفاتحة مما تكرر قراءتها في الصلاة وغيرها، أو من الثناء لاشتمالها على ما هو ثناء على الله، الواحدة مثناة أو مثنية صفة للآية. وأمّا السور أو الأسباع فلما وقع فيها من تكرير القصص والمواعظ والوعد والوعيد وغير ذلك، ولما فيها من الثناء، كأنها تثني على الله تعالى بأفعاله العظمى وصفاته الحسنى. ويجوز أن يكون كتب الله كلها مثاني، لأنها تثني عليه، ولما فيها من المواعظ المكررة، ويكون القرآن بعضها، فإن قلت: كيف صح عطف القرآن العظيم على السبع، وهل هو إلا عطف الشيء على نفسه؟ قلت: إذا عنى بالسبع الفاتحة أو الطوال، فما وراءهنّ ينطلق عليه اسم القرآن، لأنه اسم يقع على البعض كما يقع على الكل. ألا ترى إلى قوله: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هذا القرءان} يعني سورة يوسف: وإذا عنيت الأسباع فالمعنى: ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم، أي: الجامع لهذين النعتين، وهو الثناء أو التثنية والعظم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر صفة العلم بصيغة المبالغة، أتبعها ما آتاه في هذه الدار من مادة العلم بصيغة العظمة، فقال عطفاً على ما قدرته مما دل عليه السياق: {ولقد آتيناك} مما يدل على علمنا {سبعاً من المثاني} وهي الفاتحة الجامعة على وجازتها جميع معاني القرآن فتثني في النزول فإنها نزلت مرتين، وتثني في كل ركعة من الصلاة، وهي ثناء على الله والصالحين من عباده، وهي مقسومة بين الله وعبده، وتثني فيه مقاصدها، ويورد كل معنى من معانيها فيه بطرق مختلفة في إيضاح الدلالة عليه في قوالب الألفاظ وجواهر التراكيب الهادية إليه -وغير ذلك من التثنية {والقرآن العظيم} أي الحاوي لجميع علوم الأولين والآخرين مما في جميع الكتب السالفة وغيره.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

وسر الإخبار بأنها السبع، كون الفاتحة مشتملة على مجمل ما في القرآن. وكل ما فيه تفصيل للأصول التي وضعت فيها...وللأثر الواقف مع ظاهر ما صح من الأخبار، الجازم بأن السبع في الآية هي الفاتحة لظاهر الحديث أن يجيب عن القصر بأن المراد بالمعطوف القرآن بمعنى المقروء، لا بمعنى الكتاب كله. والله أعلم.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

... واذا كان الله قد أعطاه القرآن العظيم مع السبع المثاني كان قد أعطاه أفضل ما يتنافس فيه المتنافسون، وأعظم ما فرح به المؤمنون، {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} ولذلك قال بعده:...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والمثاني الأرجح أن المقصود بها آيات سورة الفاتحة السبع -كما ورد في الأثر- فهي تثنى وتكرر في الصلاة، أو يثنى فيها على الله. و القرآن العظيم سائر القرآن. والمهم أن وصل هذا النص بآيات خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق والساعة الآتية لا ريب فيها، يشي بالاتصال بين هذا القرآن والحق الأصيل الذي يقوم به الوجود وتقوم عليه الساعة. فهذا القرآن من عناصر ذلك الحق، وهو يكشف سنن الخالق ويوجه القلوب إليها، ويكشف آياته في الأنفس والآفاق ويستجيش القلوب لإدراكها، ويكشف أسباب الهدى والضلال، ومصير الحق والباطل، والخير والشر والصلاح والطلاح. فهو من مادة ذلك الحق ومن وسائل كشفه وتبيانه. وهو أصيل أصالة ذلك الحق الذي خلقت به السماوات والأرض. ثابت ثبوت نواميس الوجود، مرتبط بتلك النواميس. وليس أمرا عارضا ولا ذاهبا. إنما يبقى مؤثرا في توجيه الحياة وتصريفها وتحويلها، مهما يكذب المكذبون، ويستهزئ المستهزئون، ويحاول المبطلون، الذين يعتمدون على الباطل، وهو عنصر طارئ زائل في هذا الوجود. ومن ثم فإن من أوتي هذه المثاني وهذا القرآن العظيم، المستمد من الحق الأكبر، المتصل بالحق الأكبر.. لا يمتد بصره ولا تتحرك نفسه لشيء زائل في هذه الأرض من أعراضها الزوائل. ولا يحفل مصير أهل الضلال، ولا يهمه شأنهم في كثير ولا قليل. إنما يمضي في طريقه مع الحق الأصيل.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

اعتراض بين جملة {فاصفح الصفح الجميل} [سورة الحجر: 85] وجملة ولقد آتيناك سبعاً} الآية. أتبع التسلية والوعد بالمنّة ليذكر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنّعمة العظيمة فيطمئن بأنه كما أحسن إليه بالنّعم الحاصلة فهو منجزه الوعود الصادقة. وفي هذا الامتنان تعريض بالردّ على المكذبين. وهو ناظر إلى قوله: {وقالوا يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} إلى قوله تعالى: {وإنا له لحافظون} [سورة الحجر: 9]. فالجملة عطف على الجمل السابقة عطف الغرض على الغرض والقصّة على القصّة. وهذا افتتاح غرض من التنويه بالقرآن والتحقير لعيش المشركين. وإيتاء القرآن: أي إعطاؤه، وهو تنزيله عليه والوحي به إليه. وأوثر فعل {آتيناك} دون (أوحينا) أو (أنزلنا) لأن الإعطاء أظهر في الإكرام والمنّة. وجَعْل {القرآن} معطوفاً على {سبعاً من المثاني} يشعر بأن السبع المثاني من القرآن. وذلك ما درج عليْه جمهور المفسّرين...

وقد وصف القرآن في سورة الزمر (23) بالمثاني في قوله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني} فتعين أن السبع هي أشياء تجري تسميتها على التأنيث لأنّها أجري عليها اسم عدد المؤنّث. ويتعيّن أن المراد آيات أو سور من القرآن، وأن {مِن} تبعيضية. وذلك أيضاً شأن {مِن} إذا وقعت بعد اسم عدد. وأن المراد أجزاء من القرآن آيات أو سور لها مزية اقتضت تخصيصها بالذكر من بين سائر القرآن، وأنّ المثاني أسماء القرآن كما دلّت عليه آية الزّمر، وكما اقتضته {من} التبعيضية، ولكون المثاني غير السبع مغايرة بالكليّة والجزئية تصحيحاً للعطف.

وإن كان المراد بالسبع سوراً كما هو مروي من قول ابن عباس وكثير من الصّحابة والسّلف واختلفوا في تعيينها بما لا ينثلج له الصدر، فيكون إبهامها مقصوداً لصرف الناس للعناية بجميع ما نزل من سور القرآن كما أبهمت ليلة القدر.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{ولقد آتيناك سبعا من المثاني} أكد الله أن معه الحجة، باللام وقد...

و {المثاني} جمع مثنى أي مكرر لاثنين، كقوله تعالى: {مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء} [فاطر 1]، ومعنى مثاني أن فيه من كل معنى اثنين متقابلين، ففيه الإنذار والتبشير، وكرر ذلك، وفيه الأمر والنهي ويتكرر ذلك، وفيه بيان الحلال والحرام، ويتكرر ذكر ذلك، وفيه الخبر والإنشاء، وفيه القصص الكريم مثنى مثنى وهكذا.هذا تفسير السبع على أنها القرآن الكريم، ويكون عطف القرآن عليها في قوله تعالى: {والقرآن العظيم} من قبيل عطف الصفة على الصفة، ويكون معنى القرآن القروء المتلو الذي يتعبد بتلاوته، فيكون معنى السبع المثاني وصف معانيه، وما اشتمل من أحكام وقصص وزواجر ونواه، وأوامر وتوجيه، ويكون القرآن العظيم المقروء المعجز بألفاظه والعظيم في إعجازه وبتلاوته...وإن معنى العطف يشير إلى أنهما حقيقتان ثابتتان في القرآن، الأولى وهي أنه كتاب التكليف، وسجل الرسالة الإلهية، والثانية أنه حجة بألفاظه وأساليبه، وطرق البيان فيه، إذ فيه التصريف المعجز، كما قال تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون (65)} [الأنعام]. هذا ما اخترنا في معنى السبع المثاني...والذي نراه الحق هو أن السبع المثاني القرآن كله، وتخصيص الفاتحة بالذكر معناه أنها من السبع المثاني التي هي القرآن وكل جزء منه يكون السبع المثاني، إذ كل جزء منه متكامل في ذاته، وهو العليم القدير.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

... ونجده سبحانه يصف القرآن بالعظيم؛ وهو سبحانه يحكم بعظمة القرآن على ضوء مقاييسه المطلقة؛ وهي مقاييس العظمة عنده سبحانه. والمثل الآخر على ذلك وصفه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ "4 "} (سورة القلم) وهذا حكم بالمقاييس العليا للعظمة، وهكذا يصبح كل متاع الدنيا أقل مما وهبه الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم، فلا ينظرن أحد إلي ما أعطى غيره؛ فقد وهبه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم. ونلحظ أن الحق سبحانه قد عطف القرآن على السبع المثاني وهو عطف عام على خاص؛ كما قال الحق سبحانه: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى "238 "} (سورة البقرة) ونفهم من هذا القول أن الصلاة تضم الصلاة الوسطى أيضاً، وكذلك مثل قول الحق ما جاء على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات "28 "} (سورة نوح) وهكذا نرى عطف عام على خاص، وعطف خاص على عام. أو: أن نقول: إن كلمة" قرآن "تطلق على الكتاب الكريم المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول آية في القرآن إلي آخر آية فيه، ويطلق أيضاً على الآية الواحدة من القرآن؛ فقول الحق سبحانه: {مدهامتان" 64 "} (سورة الرحمن) وقد أعطى الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم السبع المثاني والقرآن العظيم، وتلك هي قمة العطايا؛ فلله عطاءات متعددة...فإذا كان عطاء الربوبية يتعلق بمعطيات المادة وقوام الحياة؛ فإن عطاءات القرآن تشمل الدنيا والآخرة؛ وإذا كان ما ينغص أي عطاء في الدنيا أن الإنسان يفارقه بالموت، أو أن يذوي هذا العطاء في ذاته؛ فعطاء القرآن لا ينفد في الدنيا والآخرة. ونعلم أن الآخرة لا نهاية لها على عكس الدنيا التي لا يطول عمرك فيها بعمرها، بل بالأجل المحدد لك فيها. وإذا كانت عطاءات القرآن تحرس القيم التي تهبك عطاءات الحياة التي لا تفني وهي الحياة الآخرة؛ فهذا هو أسمى عطاء، وإياك أن تتطلع إلي نعمة موقوتة عند أحد منهم من نعم الدنيا الفانية؛ لأن من أعطى القرآن وظن أن غيره قد أعطى خيراً منه؛ فقد حقر ما عظم الله.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وذكر صاحب الميزان أن المثاني جمع مثنية اسم مفعول من الثني بمعنى اللوي والعطف والإعادة، قال تعالى: {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5] وسميت الآيات القرآنية مثاني لأن بعضها يوضح حال البعض ويلوي وينعطف عليه، كما يشعر به قوله: {كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ} [الزمر: 23] حيث جمع بين كون الكتاب متشابهاً يشبه بعض آياته بعضاً وبين كون آياته مثاني، وفي كلام النبي (ص) في صفة القرآن: «يصدّق بعضه بعضاً»، وعن علي (ع) فيه: «ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض»، أو هي جمع مثنى بمعنى التكرير والإعادة، كنايةً عن بيان بعض الآيات ببعض [1]. وقد لا يستطيع الإنسان الجزم بوجهٍ معيّن من هذه الوجوه المحتملة، ما يجعل من الكلمة كلمةً محمّلةً، لا سيّما إذا أردنا تطبيقها على سورة الفاتحة، أو على السور السبع الطوال، فلنترك أمرها لله. {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} الذي يمثّل الحجة الواضحة، والبرهان القاطع، الذي يوحي بالحق في الفكر والشريعة، وفي المنهج الذي يخطط للإنسان وللحياة، فليكن لك في ذلك الغنى كل الغنى والقوّة كل القوّة، في بناء القاعدة، وفي مواجهة الحياة، وانطلق في طريقك بكل قوّةٍ وثباتٍ.

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :

بيان أن من أوتي القرآن لم يؤت أحد مثله من الخير قط.