تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ} (87)

الآية : 87 : وقوله تعالى : { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } .

اختلف في قوله : { سبعا من المثاني } قال بعضهم : هو القرآن [ كله لقوله ]{[9971]} : { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني } ( الزمر : 23 ) وقيل : سمي مثاني لترديد الأمثال فيه والعبر والأنباء فإن كان على هذا فيكون قوله : { سبعا من المثاني } أي سبعا من القرآن العظيم .

ثم يحتمل السبع الطوال على ما ذكر بعض أهل التأويل : كأنه قال : آتيناك سبعا من القرآن العظيم ، ويحتمل { سبعا } يعني فاتحة الكتاب من القرآن ، أي آتيناك فاتحة الكتاب من القرآن .

وقال قوم : يقولون : سبع المثاني فاتحة الكتاب . ويرون على ذاك حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {[9972]} روي عن أبي هريرة رضي الله عنه [ أنه ]{[9973]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني ) . ( الترمذي : 3124 ) .

وعن أبي [ بن كعب ]{[9974]} رضي الله عنه [ أنه ]{[9975]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما أنزل الله في التوراة والإنجيل مثل أم القرآن ، وهي السبع المثاني ) [ ( وهي مقسومة بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ) ]{[9976]} ( مسلم : 395 ) .

ومنهم من يقول : {[9977]} مثاني القرآن كلمة تذهب إلى ما ذكرنا من الآية ، وبما يروى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ما ( أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور والقرآن مثلها ) يعني أم القرآن )( وإنها لسبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت ) .

ذكر : ( وإنها لسبع من المثاني ) فإن كان سبع المثاني فاتحة الكتاب يصير{[9978]} كأنه قال : { ولقد آتيناك سبعا } وهي المثاني . وإن كان سبعا من المثاني [ هن الطوال يكن ]{[9979]} هكذا : أي { ولقد آتيناك سبعا } [ وهن الطوال من القرآن ]{[9980]} .

وروي أيضا عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم [ أنه ]{[9981]} قال : ( آتاني السبع الطوال مكان التوراة والمثاني مكان الإنجيل ، وفضلني ربي بالمفصل ) ( أحمد : 4/107 ) .

ثم إن ثبت ما روي في الخبر أن سبع المثاني فاتحة الكتاب وإلا الكف والإمساك أولى ؛ لأنه حاجة بنا إلى معرفة ذلك ، وليس يكون تسميتنا إياها سوى الشهادة . وما خرج مخرج الشهادة من غير حصول النفع لنا فالكف عنه والإمساك أولى . ومنهم من يقول : هن المفصل .

ومن قال : المثاني فاتحة الكتاب قال : لأنها تثنى في كل ركعة ، وما جعل فيها [ مكررا معادا ]{[9982]} لأن كل حرف يؤدي معنى حرف آخر ، فسمي مثاني .

ومن قال : المثاني هو القرآن قال لما ذكرنا ، لأن أمثاله وأنباءه وعبره معادة مرددة .

ومن قال : المثاني السبع الطوال قال : لأنها تثنى فيها حدود القرآن وفرائضه وعامة أحكامه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { والقرآن العظيم } سماه عظيما وسماه مجيدا وحكيما ، [ وهي أسماء ] {[9983]} الفاعلين ، ولا عمل للقرآن {[9984]} ، ولا فعل في الحقيقة ، لكنه يخرج ، والله أعلم على وجوه :

يحتمل سماه عظيما مجيدا لما عظمه ، وشرفه ، ومجده ، فهو عظيم مجيد حكيم ، أي محكم . والفعيل بمعنى المفعول . وذلك جائز في اللغة . أو سماه بذلك لأن من تمسك به ، وعمل به ، يصر{[9985]} عظيما مجيدا . أو سماه عظيما مجيدا حكيما ، أي جاء من عند عظيم مجيد حكيم . وأصل الحكيم المصيب الواضع كل شيء موضعه ، والله أعلم .


[9971]:في الأصل: كل قوله، في م: كله كقوله.
[9972]:ساقطة من الأصل وم.
[9973]:ساقطة من الأصل وم.
[9974]:ساقطة من الأصل وم.
[9975]:ساقطة من الأصل وم.
[9976]:هذا جزء من الحديث القدسي الذي أورده المؤلف أبو منصور في حديثه عن التسمية في فاتحة الكتاب.
[9977]:في الأصل وم: المثاني.
[9978]:في الأصل وم: يصير.
[9979]:في الأصل وم: هو الطوال يكون.
[9980]:في الأصل وم: وهو القرآن.
[9981]:ساقطة من الأصل وم.
[9982]:في الأصل وم: مكررة معادة.
[9983]:في الأصل وم: وهو اسم.
[9984]:في الأصل وم: له.
[9985]:في الأصل وم: يصير.