قوله تعالى : " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " اختلف العلماء في السبع المثاني . فقيل : الفاتحة ، قاله علي بن أبي طالب وأبو هريرة والربيع بن أنس وأبو العالية والحسن وغيرهم ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة ، من حديث أبي بن كعب وأبي سعيد بن المعلى . وقد تقدم في تفسير الفاتحة{[9745]} . وخرج الترمذي من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني ) . قال : هذا حديث حسن صحيح . وهذا نص ، وقد تقدم في الفاتحة . وقال الشاعر :
نشدتكم بمُنْزِلِ القرآن *** أمِّ الكتاب السبع من مثاني
وقال ابن عباس : ( هي السبع الطول : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال والتوبة معا ؛ إذ ليس بينهما التسمية ) . روى النسائي حدثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل : " سبعا من المثاني " قال : السبع الطول ، وسميت مثاني ؛ لأن العبر والأحكام والحدود ثنيت فيها . وأنكر قوم هذا وقالوا : أنزلت هذه الآية بمكة ، ولم ينزل من الطول شيء إذ ذاك . وأجيب بأن الله تعالى أنزل القرآن إلى السماء الدنيا ثم أنزل منها نجوما ، فما أنزله إلى السماء الدنيا فكأنما أتاه محمدا صلى الله عليه وسلم وإن لم ينزل عليه بعد . وممن قال إنها السبع الطول : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد . وقال جرير :
جزى الله الفرزدقَ حينَ يمسي*** مُضِيعًا للمفصَّل والمثاني
وقيل : ( المثاني القرآن كله ، قال الله تعالى : " كتابا متشابها مثاني{[9746]} " [ الزمر : 23 ] ) . هذا قول الضحاك وطاوس وأبو مالك ، وقاله ابن عباس . وقيل له مثاني ؛ لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه . وقالت صفية بنت عبد المطلب ترثي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فقد كان نورا ساطعا يُهْتَدَى به *** يُخَصُّ بتنزيل المثاني المعظم
أي القرآن . وقيل : المراد بالسبع المثاني أقسام القرآن من الأمر والنهي والتبشير والإنذار وضرب الأمثال وتعديد نعم وأنباء قرون ، قاله زياد بن أبي مريم . والصحيح الأول لأنه نص . وقد قدمنا في الفاتحة أنه ليس في تسميتها بالمثاني ما يمنع من تسمية غيرها بذلك ، إلا أنه إذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه نص في شيء لا يحتمل التأويل كان الوقوف عنده .
قوله تعالى : " والقرآن العظيم " فيه إضمار تقديره : وهو أن الفاتحة القرآن العظيم لاشتمالها على ما يتعلق بأصول الإسلام . وقد تقدم{[9747]} في الفاتحة . وقيل : الواو مقحمة ، التقدير : ولقد آتيناك سبعا من المثاني القرآن العظيم . ومنه قول الشاعر :
إلى الملك القَرْمِ وابن الهمام *** وليث الكتيبة في المُزْدَحَمْ
وقد تقدم عند قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى{[9748]} " [ البقرة : 238 ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.