قوله تعالى : { وأن الله هو التواب الرحيم } . أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، ثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب الأصم ، أنبأنا الربيع بن سليمان ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه . قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : " والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كأنما يضعها في يد الرحمن عز وجل فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه ، حتى أن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم ، ثم قرأ : { أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات } .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصّدَقَاتِ وَأَنّ اللّهَ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ } .
وهذا خبر من الله تعالى ذكره أخبر المؤمنين به أن قبول توبة من تاب من المنافقين وأخذ الصدقة من أموالهم إذا أعطوها ليسا إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، وأن نبيّ الله حين أبى أن يطلق من ربط نفسه بالسواري من المتخلفين عن الغزو معه وحين ترك قبول صدقتهم بعد أن أطلق الله عنهم حين أذن له في ذلك إنما فعل ذلك من أجل أن ذلك لم يكن إليه صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك إلى الله تعالى ذكره دون محمد ، وأن محمدا إنما يفعل ما يفعل من ترك وإطلاق وأخذ صدقة وغير ذلك من أفعاله بأمر الله . فقال جلّ ثناؤه : ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد مع المؤمنين الموثقو أنفسهم بالسواري ، القائلون لا نطلق أنفسنا حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقنا ، السائلو رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الصدقة أموالهم أن ذلك ليس إلى محمد ، وأن ذلك إلى الله ، وأن الله هو الذي يقبل من تاب عباده أو يردّها ، ويأخذ صدقة من تصدق منهم ، أو يردّها عليه دون محمد ، فيوجهوا توبتهم وصدقتهم إلى الله ، ويقصدوا بذلك قصد وجهه دون محمد وغيره ، ويخلصوا التوبة له ويريدوه بصدقتهم ، ويعلموا أن الله هو التوّاب الرحيم ؟ يقول : المرجع بعبيده إلى العفو عنه إذا رجعوا إلى طاعته ، الرحيم بهم إذا هم أنابوا إلى رضاه من عقابه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قال الاَخرون ، يعني الذين لم يتوبوا من المتخلفين : هؤلاء يعني الذين تابوا كانوا بالأمس معنا لا يكلمون ولا يجالسون ، فما لهم ، فقال الله : إنّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويأْخُذُ الصّدَقَاتِ وأنّ اللّهَ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني رجل كان يأتي حمادا ولم يجلس إليه قال شعبة : قال العوّام بن حوشب : هو قتادة ، أو ابن قتادة ، رجل من محارب قال سمعت عبد الله بن السائب وكان جاره ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : ما من عبد تصدّق بصدقة إلا وقعت في يد الله ، فيكون هو الذي يضعها في يد السائل . وتلا هذه الآية : هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويأْخُذُ الصّدَقَاتِ .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن عبد الله بن السائب ، عن عبد الله بن أبي قتادة المحاربي ، عن عبد الله بن مسعود قال : ما تصدّق رجل بصدقة إلا وقعت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل وهو يضعها في يد السائل . ثم قرأ : ألَمْ يَعْلَمُوا أنّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويأْخُذُ الصّدَقَاتِ .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن السائب ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن ابن مسعود ، بنحوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن السائب ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، قال : قال عبد الله : إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ، ثم قرأ هذه الآية : هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويأْخُذُ الصّدَقَاتِ .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن القاسم ، أنه سمع أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ اللّهَ يَقْبَلُ الصّدَقَة ، ويَأْخُذَها بِيَمينِهِ ، فَيُرَبّيها لأحَدِكُمْ كمَا يُرَبّي أحَدُكُمْ مُهْرَهُ ، حتى إنّ اللّقْمَةَ لَتَصِيرُ مِثْلَ أُحُدٍ وتصديق ذلك في كتاب الله : أن اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويأْخُذُ الصّدَقَاتِ و يَمْحَقُ اللّهُ الرّبا ويُرْبي الصّدَقاتِ » .
حدثنا سليمان بن عمر بن الأقطع الربى ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن عباد بن منصور ، عن القاسم ، عن أبي هريرة ، ولا أراه إلا قد رفعه ، قال : «إنّ اللّهَ يَقْبَلُ الصّدَقَةَ » ، ثم ذكر نحوه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن أيوب ، عن القاسم بن محمد عن أبي هريرة قال : إن الله يقبل الصدقة إذا كانت من طيب ، ويأخذها بيمينه ، وإن الرجل يتصدّق بمثل اللقمة ، فيربيها الله له ، كما يربى أحدكم فصيله أو مهره ، فتربو في كفّ الله أو قال في يد الله حتى تكون مثل الجبل .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ألَمْ يَعْلَمُوا أنّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويأْخُذُ الصّدَقَاتِ ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «والّذِي نَفْسُ محَمّد بِيَدِهِ ، لا يَتَصَدّق رَجُلٌ بِصَدَقَة فَتَقَعَ فِي يَدِ السّائِلِ حتى تَقَعَ فِي يَدِ اللّهِ » .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : وأن اللّهَ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ يعني إن استقاموا .
{ ألم يعلموا } الضمير إما للمتوب عليهم والمراد أن يمكن في قلوبهم قبول توبتهم والاعتداد بصدقاتهم ، أو لغيرهم والمراد به التحضيض عليهما . { أن الله هو يقبل التوبة عن عباده } إذا صحت وتعديته ب { عن } لتضمنه معنى التجاوز . { ويأخذ الصدقات } يقبلها قبول من يأخذ شيئا ليؤدي بدله . { وأن الله هو التواب الرحيم } وأن من شأنه قبول توبة التائبين والتفضل عليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.