الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (104)

ثم قال تعالى : { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده }[ 104 ] .

أخبر الله عز وجل ، في هذه الآية ، بقبول توبة من تاب من المنافقين وغيرهم ، وأخذ الصدقات من أموالهم{[29910]} .

فالمعنى : ألم{[29911]} يعلم هؤلاء الذين تخلفوا عن الجهاد ، ثم ندموا وربطوا أنفسهم بالسواري وقالوا : لا نطلق أنفسنا حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم ، هو الذي يطلقنا ، أن ذلك ( ليس ){[29912]} إلى النبي صلى الله عليه [ وسلم ] ، ولا إلى غيره ، وإنما هو إلى الله سبحانه ، هو يقبل توبتهم ، وتوبة غيرهم ، ويأخذ صدقة من تصدق{[29913]} ، بصدقة ، ويعلموا أن الله هو التواب الرحيم{[29914]} .

قال ابن زيد : قال المنافقون لما تاب الله على هؤلاء : كانوا بالأمس ، لا يُكَلَّمُون ولا يُجَالسون ، فما لهم اليوم يُكلَّمون ويُجَالسون ؟ فأنزل الله عز وجل ، ألم يعلم هؤلاء الذين لم يتوبوا وتكلموا في هؤلاء الذين تُبت عليهم { أن الله هو يقبل التوبة } ، الآية{[29915]} .

قال ابن عباس : { وأن الله هو التواب الرحيم } ، يعني إن استقاموا على/التوبة{[29916]} .

روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إن الله يقبل{[29917]} ، الصدقة ويأخذها بيمينه ، فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهرة ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد .

وتصديق ذلك في كتاب الله : { هو{[29918]} يقبل التوبة عن عباده وياخذ الصدقات }{[29919]} .

وقال ابن مسعود : ما تصدق رجل بصدقة إلا وقعت في يد الله قبل أن تقع بيد السائل وهو يضعها في يد السائل ، ثم تلا : { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة }{[29920]} .


[29910]:هاهنا إيجاز يوضح بما في جامع البيان 14/458.
[29911]:في "ر": لم، وأحسبه سبق قلم.
[29912]:ما بين الهلالين ساقط من ر.
[29913]:في "ر": تضرع، وهو تحريف.
[29914]:جامع البيان 14/459، بتصرف.
[29915]:جامع البيان 14/459، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1876، والدر المنثور 4/282.
[29916]:صحيفة علي بن أبي طلحة 272، وجامع البيان 14/462، من غير "على التوبة".
[29917]:في الأصل: يقبل عن عباده.
[29918]:في المخطوطتين: "وهو الذي يقبل"، وهو تحريف أثبت ما في نص التلاوة. قال الشيخ محمود شاكر في هامش تحقيقه، جامع البيان 14/461: "هكذا جاءت الآية في المخطوطة: "وهو الذي يقبل التوبة"، كما رواه أحمد في المسند أيضا رقم 90، 100، بهذا الإسناد بمثل هذا الخطأ...، وقد استظهر أخي السيد أحمد أنه خطأ قديم كما قال في التعليق على الخبر رقم 6253 فيما سلف...وأثبت ما في المخطوطة ليعلم هذا الخطأ".
[29919]:في "ر": صدقة، بالتوحيد، وأحسبه سهو ناسخ.
[29920]:جامع البيان 14/460، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1877، وتفسير ابن كثير 2/386، من غير "وهو يضعها في يد السائل" والدر المنثور 4/282.