المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

36- وإن يوسوس لك الشيطان ليصرفك عمَّا أمرت به - أيها المخاطب - فتحصن بالله منه ، إن الله هو المحيط سمعه وعلمه بكل شيء فيُعيذك منه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

قوله تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع } لاستعاذتك وأقوالك ، { العليم } بأفعالك وأحوالك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

ثم أرشد - سبحانه - عباده إلى ما يبعدهم عن كيد الشيطان ، فقال : { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله إِنَّهُ هُوَ السميع العليم } .

والنزغ والنخس والغرز بمعنى واحد . وهو إدخال الإِبرة أو طرف العصا فى الجلد . المراد به هنا : وسوسة الشيطان وكيده للإِنسان .

والمعنى : وإن تعرض لك من الشيطان وسوسة تثير غضبك ، وتحملك على خلاف ما أمرك الله - تعالى - به . . . فاستعذ بالله ، أى : فالتجئ إلى حماه واستجر به من كيد الشيطان { إنه } - سبحانه - هو السميع لدعائك ، العليم بكل أحوالك ، القادر على دفع كيد الشيطان عنك .

فالآية الكريمة ترشد المؤمن إلى العلاج الذى يحميه من وسوسة الشيطان وكيده ، ألا وهو الاستعاذة بالله السميع لكل شئ ، العليم بكل شئ القادر على كل شئ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

وقوله : { وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ } أي : إن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه ، فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه عليك ، فإذا استعذت بالله ولجأت إليه ، كفه عنك ورد كيده . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام إلى الصلاة يقول : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " {[25735]} .

وقد قدمنا أن هذا المقام لا نظير له في القرآن إلا في " سورة الأعراف " عند قوله : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الأعراف : 199 ، 200 ] ، وفي سورة المؤمنين عند قوله : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [ المؤمنون : 96 - 98 ] .

[ لكن الذي ذكر في الأعراف أخف على النفس مما ذكر في سورة السجدة ؛ لأن الإعراض عن الجاهل وتركه أخف على النفس من الإحسان إلى المسيء فتتلذذ النفس من ذلك ولا انتقاد له إلا بمعالجة ويساعدها الشيطان في هذه الحال ، فتنفعل له وتستعصى على صاحبها ، فتحتاج إلى مجاهدة وقوة إيمان ؛ فلهذا أكد ذلك هاهنا بضمير الفصل والتعريف باللام فقال : { فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ] {[25736]} .


[25735]:– (4) انظر تخريج الحديث عند تفسير الآية: 97 من سورة "المؤمنون".
[25736]:- (5) زيادة من ت، س.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

{ وإما ينزعنك من الشيطان نزغ } نخس شبه به وسوسته لأنها تبعث الإنسان على ما لا ينبغي كالدفع بما هو أسوأ ، وجعل النزاغ نازغا على طريقة جديدة ، أو أريد به نازغ وصفا للشيطان بالمصدر . { فاستعذ بالله } من شره ولا تطعه . { إنه هو السميع } لاستعاذتك { العليم } بنيتك أو بصلاحك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

عطف على جملة { وما يلقاها إلا الذين صبروا } [ فصلت : 35 ] ، فبعد أن أُرشد إلى ما هو عون على تحصيل هذا الخلق المأمور به وهو دفع السيئة بالتي هي أحسن ، وبعد أن شرحت فائدة العمل بها بقوله : { فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } [ فصلت : 34 ] صُرِف العنان هنا إلى التحذير من عوائقها التي تجتمع كثرتها في حقيقة نزغ الشيطان ، فأمر بأنه إن وجد في نفسه خواطر تَصْرِفه عن ذلك وتدعوه إلى دفع السيئة بمثلها فإن ذلك نزغ من الشيطان دواؤه أن تستعيذ بالله منه فقد ضمن الله له أن يعيذه إذا استعاذه لأنه أمره بذلك ، والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم .

وفائدة هذه الاستعاذة تجديد داعية العصمة المركوزة في نفس النبي صلى الله عليه وسلم لأن الاستعاذة بالله من الشيطان استمداد للعصمة وصقل لزكاء النفس مما قد يقترب منها من الكدرات . وهذا سر من الاتصال بين النبي صلى الله عليه وسلم وربه وقد أشار إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم « إنه لَيُغانَ على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة » فبذلك تسلم نفسه من أن يغشَاها شيء من الكدرات ويلحق به في ذلك صالحو المؤمنين .

وفي الحديث القدسي عند الترمذي « ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحِبَّه فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأُعطينَّه ولئن استعاذني لأعِيذَنَّه » . ثم يلتحق بذلك بقية المؤمنين على تفاوتهم كما دل عليه حديث ابن مسعود عند الترمذي قال النبي صلى الله عليه وسلم « إن للشيطان لَمّة بابن آدم وللمَلَك لَمَّة ، فأما لَمّة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لَمة الملَك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى فليستعذ بالله من الشيطان » .

والنزغ : النخس ، وحقيقته : مسّ شديد للجِلد بِطرَف عُود أو إصبَع ، فهو مصدر ، وهو هنا مستعار لاتصال القوة الشيطانية بخواطر الإنسان تأمره بالشر وتصرفه عن الخير ، وتقدم في قوله تعالى : { وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ باللَّه إنه سميع عليم } في سورة الأعراف ( 200 ) وإسناد { يَنزَغَنَّكَ } إلى { نَزْغٌ } مجاز عقلي من باب : جدّ جدّه ، و { مِن } ابتدائية . ويجوز أن يكون المراد بالنزغ هنا : النازغ ، وهو الشيطان ، وصف بالمصدر للمبالغة ، و { من } بيانية ، أي ينزغنّك النازغ الذي هو الشيطان . والمبالغة حاصلة على التقديرين مع اختلاف جهتها .

وجيء في هذا الشرط ب ( إنْ ) التي الأصل فيها عدم الجزم بوقوع الشرط ترفيعاً لقدر النبي صلى الله عليه وسلم فإن نزغ الشيطان له إنما يفرض كما يفرض المُحال ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } [ الأعراف : 201 ] فجاء في ذلك الشرط بحرف ( إذا ) التي الأصل فيها الجزم بوقوع الشرط أو بغلبة وقوعه . و ( ما ) زائدة بعد حرف الشرط لتوكيد الربط بين الشرط وجوابه وليست لتحقيق حصول الشرط فإنها تزاد كثيراً بعد ( إن ) دون أن تكون دالة على الجزم بوقوع فعل الشرط .

وضمير الفصل في قوله : إنَّه هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ } لتقوية الحكم وهو هنا حكم كِنائي لأن المقصود لازمُ وصف السميع العليم وهو مؤاخذة من تصدر منهم أقوال وأعمال في أذى النبي صلى الله عليه وسلم والكيدِ له ممن أُمِر بأن يدفع سيئاتهم بالتي هي أحسن . والمعنى : فإن سوّل لك الشيطان أن لا تعامل أعداءك بالحسنة وزين لك الانتقام وقال لك : كيف تحسن إلى أعداء الدين ، وفي الانتقام منهم قطعُ كيدهم للدين ، فلا تأخذ بنزغه وخذ بما أمرناك واستعذ بالله من أن يزلّك الشيطان فإن الله لا يخفى عليه أمر أعدائك وهو يتولى جزاءهم .