قوله تعالى : { إلا رحمةً من ربك } ، هذا استثناء منقطع معناه : لكن لا نشاء ذلك رحمة من ربك . { إن فضله كان عليك كبيراً } ، فإن قيل : كيف يذهب القرآن وهو كلام الله عز وجل ؟ قيل : المراد منه : محوه من المصاحف وإذهاب ما في الصدور . وقال عبد الله بن مسعود : " اقرؤوا القرآن قبل أن يرفع ، فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع . قيل : هذه المصاحف ترفع ، فكيف بما في صدور الناس ؟ قال يسري عليه ليلاً فيرفع ما في صدورهم ، فيصبحون لا يحفظون شيئاً ولا يجدون في المصاحف شيئاً ، ثم يفيضون في الشعر . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث نزل ، له دوي حول العرش كدوي النحل ، فيقول الرب مالك وهو أعلم ؟ فيقول : يا رب أتلى ولا يعمل بي " .
وقوله : { إلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } استثناء واستدراك على قوله : { لَنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ . . } .
أى : والله إن شئنا إذهاب القرآن من صدرك لأذهبناه ، دون أن تجد أحدًا يرده عليك ، لكننا لم نشأ ذلك بل أبقيناه فى صدرك رحمة من ربك .
قال الجمل : وفى هذا الاستثناء قولان : أحدهما : أنه استثناء متصل : لأن الرحمة تندرج فى قوله { وكيلا } .
أى : إلا رحمة منا فإنها إن نالتك فلعلها تسترده عليك والثانى : أنه منقطع ، فيتقدر بلكن أو ببل ، و { من ربك } يجوز أن يتعلق بمحذوف صفة لرحمة - أى لكن رحمة ربك تركته غير مذهوب به .
وقوله { إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } بيان لما امتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم .
أى : إن فضله كان عليك كبيرًا ، حيث أنزل القرآن عليك ، وأبقاه فى صدرك دون أن يزيله منه ، وجعلك سيد ولد آدم ، وخاتم رسله ، وأعطاك المقام المحمود يوم القيامة .
قال صاحب الكشاف : " وهذا امتنان عظيم من الله - تعالى - ببقاء القرآن محفوظًا ، بعد المنة العظيمة فى تنزيله وتحفيظه . فعلى كل ذى علم أن لا يغفل عن هاتين المنتين والقيام بشكرهما . وهما منة الله عليه بحفظه العلم ، ورسوخه فى صدره ، ومنته عليه فى بقاء المحفوظ " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.