اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّ فَضۡلَهُۥ كَانَ عَلَيۡكَ كَبِيرٗا} (87)

قوله تعالى : { إِلاَّ رَحْمَةً } : قيل : استثناء متصل ؛ لأنها تندرج في قوله " وَكِيلاً " والمعنى : إلاَّ أن يرحمك ربُّك ؛ فيردَّه عليك . وقيل : إنه استثناء منقطع ، فتتقدر ب " لَكِنْ " عند البصريين ، و " بَلْ " عند الكوفيين .

والمعنى : إلا رحمة من ربِّك ؛ إذ كل رحمة من ربِّك تركته غير مذهوب به ، أي : لكن لا يشاء ذلك رحمة من ربِّك ، وهذا امتنانٌ من الله ؛ وهو نوعان :

الأول : تسهيل ذلك العلم عليه .

والثاني : إبقاء حفظه عليه .

قوله " مِنْ ربِّكَ " يجوز أن يتعلق ب " رَحْمةً " وأن يتعلق بمحذوفٍ ، صفة لها .

ثم قال : { إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } .

بسبب إبقاء العلم والقرآنِ عليك ، وقيل : بسببِ أنَّه جعلك سيِّد ولد آدم ، وختم بك النَّبيِّين ، وأعطاك المقَام المحمود ، فلما كان كذلك ، لا جرم أنعم عليك بإبقاء العلم والقرآن عليك .