قوله تعالى : { قال خذها } بيمينك { ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } هيئتها الأولى . أي : نردها عصاً كما كانت ، وكان على موسى مدرعة من صوف قد خللها بعيدان من الخلال ، فلما قال الله تعالى : ( خذها ) لف طرف المدرعة على يده قال ، فأمره الله تعالى أن يكشف يده ، فكشفها وذكر بعضهم أنه لما لف كم المدرعة على يده قال له ملك : أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك شيئاً ؟ قال : لا . ولكنى ضعيف ومن ضعف خلقت ، فكشف عن يده ثم وضعها في فم الحية ، فإذا هي عصا كما كانت ويده في شعبتها في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ . قال المفسرون : أراد الله عز وجل أن يري موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون . وقوله : ( سيرتها ) نصب بحذف إلى يريد إلى سيرتها .
{ قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ } أى : خذ هذه الحية التى تحولت عصاك إليها ولا تخف منها ، كما هو شأن فى الطبائع البشرية ، فإنا { سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الأولى } أى : سنعيد هذه الحية إلى هيئتها الأولى التى كانت عليها قبل أن تصير حية تسعى ، وهى أن نعيدها بقدرتنا التى لا بعجزها شىء إلى عصا كما كانت من قبل .
فالجملة الكريمة مسوقة لتعليل وجوب الامتثال للأمر وعدم الخوف ، أى : خذها ولا تخف منها ، فإن هذه الحية سنرجعها عصا كما كانت من قبل .
وقوله - تعالى - { سِيَرتَهَا } فِعلة من السَّير ، وهى الحالة والهيئة التى يكون عليها الإنسان ، وهو منصوب بنزع الخافض .
أى : سنعيدها إلى هيئتها وحالتها الأولى .
قالوا : ومن الحكم التى من أجلها حول الله - تعالى - العصا إلى حية تسعى : توطين قلب موسى - عليه السلام - على ذلك ، حتى لا يضطرب إذا ما تحولت إلى ثعبان عظيم عندما يلقيها أمام فرعون وقومه .
فقد جرت عادة الإنسان أن يقل اضطرابه من الشىء العجيب الغريب بعد رؤيته له لأول مرة .
وقعت المعجزة فدهش لها موسى وخاف : ( قال : خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى )ونردها عصا .
والسياق هنا لا يذكر ما ذكره في سورة أخرى من أنه ولى مدبرا ولم يعقب . إنما يكتفي بالإشارة الخفيفة إلى ما نال موسى - عليه السلام - من خوف : ذلك أن ظل هذه السورة ظل أمن وطمأنينة ، فلا يشوبه بحركة الفزع والجري والتولي بعيدا .
واطمأن موسى والتقط الحية ، فإذا هي تعود سيرتها الأولى ! عصا ! . . ووقعت المعجزة في صورتها الأخرى . صورة سلب الحياة من الحي ، فإذا هو جامد ميت ، كما كان قبل أن تدركه المعجزة الأولى . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.