تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

المفردات :

سيرتها الأولى : حالها الأولى وهي كونها عصا ، يقال لكل من كان على أمر فتركه ثم عاد إليه : عاد فلان سيرته الأولى .

21- { قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } .

والسياق هنا لا يذكر ما ذكر في سورة أخرى من أن موسى عندما رأى الحية هائلة كبيرة ولّى مدبرا قال تعالى : { وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولّى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين } . ( القصص : 31 ) ؛ لأن سياق السورة سياق أمن ورحمة وطمأنينة فقال الحق هنا : { قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } . وفي سورة أخرى : { إني لا يخاف لديّ المرسلون } . ( النمل : 10 ) . أي : أنت رسول كريم ، ستحمل رسالة كلها أمن وأمان وتحمل تبعات .

ومعنى { خذها ولا تخف } . أي : خذ عصاك ولا تخف منها ؛ فهي معجزة لك ، تخيف غيرك ، ولا تخف منها ؛ { سنعيدها سيرتها الأولى } . سنرجعها إلى الحالة التي كانت عليها من قبل ؛ عصا تمسكها ؛ فأقدم على ذلك برباطة جأش دون تردد ولا ذعر .

فائدة :

ذكر الله هنا العصا : أنها تحولت إلى { حية تسعى } . وذكر في سورة الشعراء : أنها تحولت إلى { ثعبان مبين } . ( الشعراء : 32 ) .

وقال في سورة أخرى : { تهتز كأنها جان } . ( القصص : 31 ) والجان هو الحية الصغيرة الجسم ، وهي أقدم على سرعة الحركة ولا تنافي بين هذه الصفات ؛ لأن الحية اسم جنس يطلق على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والثعبان : هو العظيم منها ، والجان : هو الحية الصغيرة الجسم ، السريعة الحركة ؛ فالحية كبيرة الجسم ، لكنها في سرعة الحركة شبّهت بالجان في هذه الخاصية وهي سرعة التحرك ، فاجتمع لها ضخامة الجسم مع سرعة الحركة التي يمتّع بها الصغير .