غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

1

فقد روي أنه لما قال له ربه : { لا تخف } بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها ، قال الشيخ أبو القاسم الأنصاري : ذلك الخوف من أقوى الدلائل على صدقه في النبوة ، لأن الساحر يعلم أن الذي أتى به تمويه فلا يخافه ألبتة . وعن بعضهم أنه خافها لأنه عرف ما لقي آدم منها .

قلت : يحتمل أن يكون خوف موسى وهجره إياها من فوات المنافع المعدودة ولهذا علل عدم خوفه بقوله { سنعيدها سيرتها الأولى } قال جار الله : السيرة من السير كالركبة من الركوب . يقال : سار فلان سيرة حسنة . ثم اتسع فيها فنقلت إلى معنى المذهب والطريقة ومنه سير الأولين ، فيجوز أن ينتصب على الظرف أي في طريقتها الأولى حال ما كانت عصاً ، أو يكون أعاد منقولاً بالهمزة من عاده بنزع الخافض بمعنى عاد إليه فيتعدى إلى مفعولين ، أو يكون المراد بالإعادة الإنشاء ثانياً . ونصب { سيرتها } بفعل مضمر في موضع الحال أي سنعيدها تسير سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها .

/خ36