الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

قوله : { سِيَرتَهَا } : في نصبها أوجه ، أحدها : أن تكونَ منصوبةً على الظرف أي : في سيرتها أي : طريقتها . الثاني : أنها منصوبةٌ على أنها بدلٌ من ها " سنعيدها " بدلُ اشتمال ؛ لأن السيرةَ الصفة أي : سنعيدها صفتها وشكلها . الثالث : أنها منصوبة على إسقاط الخافض أي : إلى سيرتها . قال الزمخشري : " ويجوز أن يكون مفعولاً ، مِنْ عاده أي : عاد إليه ، فيتعدَّى لمفعولَيْنِ ، ومنه بيتُ زهير :

3285 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وعادَكَ أَنْ تُلاَقِيَها العَداءُ

وهذا هو معنى قولِ مَنْ قال : إنه على إسقاط إلى ، وكان قد جَوَّز أن يكونَ ظرفاً كما تقدَّم . إلاَّ أن الشيخ ردَّه بأنه ظرفٌ مختص ، ولا يَصِلُ إليه الفعلُ إلاَّ بوساطة " في " إلاَّ فيما شَذَّ .

والسِّيرة : فِعْلَة تدل على الهيئة من السَيْر كالرِّكْبَة من الركوب ، ثم اتُّسِع فعُبِّر بها عن المذهب والطريقة . قال خالد الهُذَلي :

فلا تغْضَبَنْ مِنْ سِيرَةٍ أنت سِرْتَها *** فأولُ راضٍ سيرةً مَنْ يَسِيرُها

وجَوَّز أيضاً أن ينتصبَ بفعلٍ مضمرٍ أي : يسير سيرتَها الأولى ، وتكون هذه الجملةُ المقدرةُ في محلِّ نصبٍ على الحال أي : سنعيدها سائرةً سيرتَها .