تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

الآية 21 : وقوله : { قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } على ما كانت في الحالة الأولى عصا . كان موسى خاف حين صارت حية ، وهو ما قال في آية أخرى : { فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا } [ النمل : 10 والقصص : 31 ] فعند ذلك قال له : { خذها ولا تخف } وأخبره أنه يعيدها عصا على ما كانت ، والله أعلم .

وفي قوله : { وما تلك بيمينك يا موسى } دلالة أن العصا إنما تمسك باليد اليمنى .

قال أبو عوسجة : { فتردى } أي تهلك ؛ يقال : أرداه أهلكه ، ويقال : تردى الرجل إذا وقع في البئر أو من فوق حائط ، ويقال : رديته ، أي ألبسته الرداء ، وارتديت ، أي لبست الرداء ، وترديت مثله . وقوله : { أتوكأ عليها } أي أستعين بها على المشي . وقوله : { وأهش بها على غنمي } أي أضرب الشجرة حتى ينتثر ورقها [ فتأكله غنمي ]{[12211]} والهش الكريم ، والبشر من البشاشة . وقال : والمآرب الحوائج والأرب أيضا الحاجة ، والأراب جميع ، ويقال : أربت الشيء : قسمته ، وجعلته إربا أقساما{[12212]} أي جزأته أجزاء . وفي قوله : { وما تلك بيمينك يا موسى } { قال هي عصاي } دلالة أن الإنسان إذا استخبر عن شيء فإن عليه أن يخبر المستخبر عما يستخبر على الإجابة له ، وإن كان يعلم أن المستخبر له عن ذلك عالم بذلك ؛ لأن موسى كان يعلم أن ربه كان أعلم بما في يده منه ، ولم يقل له استخبر عما في يده رب أنت أعلم بها{[12213]} مني . ولكنه قال : هي عصاي إجابة له وتعظيما لأمره ، والله أعلم .


[12211]:في الأصل: فتأكله غنمه.
[12212]:في الأصل وم: اقسما.
[12213]:في الأصل وم: به.