قوله تعالى : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله } إلى كتاب الله ورسوله ، { ليحكم بينهم } هذا ليس على طريق الخبر لكنه تعليم أدب الشرع على معنى أن المؤمنين كذا ينبغي أن يكونوا ، ونصب القول على الخبر واسمه في قوله تعالى : { أن يقولوا سمعنا وأطعنا } يعني : سمعنا الدعاء وأطعنا بالإجابة . { وأولئك هم المفلحون * }
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما هو واجب على المؤمنين إذا ما دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ، أن يقولوا سمعنا وأطعنا .
ولفظ " قول " منصوب على أنه خبر " كان " واسمها أن المصدرية ما ما فى حيزها ، وهو : أن يقولوا سمعنا وأطعنا .
والمعنى : أن من صفات المؤمنين الصادقين ، أنهم إذا ما دعوا إلى حكم شريعة الله - تعالى - التى أوحاها إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا عندما يدعون لذلك : سمعنا وأطعنا ، بدون تردد أو تباطؤ .
" وأولئك " الذين يفعلون ذلك " هم المفلحون " فلاحا تاما فى الدنيا والآخرة .
فأما المؤمنون حقا فلهم أدب غير هذا مع الله ورسوله . ولهم قول آخر إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ؛ هو القول الذي يليق بالمؤمنين ؛ وينبىء عن إشراق قلوبهم بالنور :
( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا : سمعنا وأطعنا . ولئك هم المفلحون ) . .
فهو السمع والطاعة بلا تردد ولا جدال ولا انحراف . السمع والطاعة المستمدان من الثقة المطلقة في أن حكم الله ورسوله هو الحكم وما عداه الهوى ؛ النابعان من التسليم المطلق لله ، واهب الحياة ، المتصرف فيها كيف يشاء ؛ ومن الاطمئنان إلى أن ما يشاؤه الله للناس خير مما يشاءونه لأنفسهم . فالله الذي خلق أعلم بمن خلق . .
( وأولئك هم المفلحون ) . . المفلحون لأن الله هو الذي يدبر أمورهم ، وينظم علاقاتهم ، ويحكم بينهم بعلمه وعدله ؛ فلا بد أن يكونوا خيرا ممن يدبر أمورهم ، وينظم علاقاتهم ، ويحكم بينهم بشر مثلهم ، قاصرون لم يؤتوا من العلم إلا قليلا . . والمفلحون لأنهم مستقيمون على منهج واحد ، لا عوج فيه ولا التواء ، مطمئنون إلى هذا المنهج ، ماضون فيه لا يتخبطون ، فلا تتوزع طاقاتهم ، ولا يمزقهم الهوى كل ممزق ، ولا تقودهم الشهوات والأهواء . والنهج الإلهي أمامهم واضح مستقيم .
وقرأ الجمهور «قولَ » بالنصب ، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن وابن أبي إسحاق «قولُ » بالرفع ، واختلف عنهما قال أبو الفتح شرط { كان } أن يكون اسمها أعرف من خبرها فقراءة الجمهور أقوى ، والمعنى إنما كان الواجب أن يقوله المؤمنون { إذا دعوا إلى } حكم { الله ورسوله } { سمعنا وأطعنا } فكأن هذه ليست إخباراً عن ماضي زمن وإنما كقول الصديق : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم{[8750]} . وجعل الدعاء إلى الله من حيث هو إلى شرعة ودينه ، وقرأ الجمهور «ليَحكُم » على بناء الفعل للفاعل ، وقرأ أبو جعفر والجحدري وخالد بن إلياس والحسن «ليُحكَم » على بناء الفعل للمفعول ، و { المفلحون } البالغون آمالهم في دنياهم وآخرتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.