قوله تعالى : { سلام قولاً من رب رحيم } أي : يقول الله لهم قولاً .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى الملحمي الأصفهاني ، أنبأنا الحسن بن أبي علي الزعفراني ، أنبأنا ابن أبي الشوارب ، أنبأنا أبو عاصم العباداني ، أنبأنا الفضل الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، فذلك قوله : { سلام قولا من رب رحيم } فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلي شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره بركة عليهم في ديارهم " وقيل : يسلم عليهم الملائكة في ديارهم . وقيل : تلسم عليهم الملائكة من ربهم ، وقال مقاتل : تدخل الملائكة على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم . وقال : يعطيهم السلامة ، يقول : اسلموا السلامة الأبدية .
ثم ختم - سبحانه - هذا العطاء الجزيل للمؤمنين بقوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } .
وللمفسرين فى إعراب قوله : { سَلاَمٌ } أقوال منها : أنه مبتدأ خبره الناصب للفظ { قَوْلاً } أى : سلا يقال لهم قولا . . .
وقد أشار صاحب الكشاف إلى بعض هذه الأقوال فقال : وقوله : { سَلاَمٌ } بدل من قوله { مَّا يَدَّعُونَ } كأنه قال لهم : سلام يقال لهم قولا من جهة رب رحيم .
والمعنى : أن الله - تعالى - يسلم عليهم بواسطة الملائكة ، أو بيغر واسطة ، مبالغة فى تكريمهم ، وذلك غاية متمناهم . .
وقد ذكر الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث ، منها ما رواه ابن أبى حاتم - بسنده - عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما أهل الجنة فى نعيمهم ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رءوسهم فإذا الرب - تعالى - قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة . فذلك قوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } قال : فينظر إليهم وينظرون إلأيه ، فلا يلتفتون إلى شئ من النعيم ما داموا ينظرون إليه . حتى يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم وفى ديارهم " .
والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة - كما يقال الإِمام الفخر الرازى - يراها تشير إلى أن أصحاب الجنة ليسوا فى تعب ، كما تشير إلى وحدتهم وإلى حسن المكان ، وإلى إعطائهم كل ما يحتاجونه ، وإلى تلذذهم بالنعيم وإلى تلقيهم لأجمل تحية . .
هذا هو حال المؤمنين ، وهذا بعض ما يقال لهم من ألفاظ التكريم ، فماذا يقال للمجرمين .
وقوله : { سلام } بدل منها أو صفة أخرى ، ويجوز أن يكون خبرها أو خبر محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر أي ولهم سلام ، وقرئ بالنصب على المصدر أو الحال أي لهم مرادهم خالصا . { قولا من رب رحيم } أي يقول الله أو يقال لهم قولا كائنا من جهته ، والمعنى أن الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيما لهم وذلك مطلوبهم ومتمناهم ، ويحتمل نصبه على الاختصاص .
وقوله تعالى : { سلام } قيل : هي صفة لما أي مسلم لهم وخالص{[9800]} ، وقيل : هو ابتداء{[9801]} ، وقيل ؛ هو خبر ابتداء{[9802]} ، وقرأ ابن مسعود وأبي بن كعب وعيسى الثقفي والغنوي «سلاماً » بالنصب على المصدر ، وقرأ محمد بن كعب القرطبي «سلم » وهو بمعنى سلام ، و { قولاً } نصب على المصدر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.