المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

43 - يقال - تقريعا - : هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون منكم ، يترددون بين نارها وبين ماء متناه في الحرارة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

قوله تعالى : { يطوفون بينها وبين حميم آن } قد انتهى حره . قال الزجاج : أنى يأني فهو آن إذا انتهى في النضج ، والمعنى : أنهم يسعون بين الجحيم والحميم فإذا استغاثوا من حر النار جعل عذابهم الحميم الآني الذي صار كالمهل ، وهو قوله :{ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل }( الكهف-29 ) وقال كعب الأحبار : إن واديا من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال فيغمسون في ذلك الوادي حتى تنخلع أوصالهم ، ثم يخرجون منه وقد أحدث الله تعالى لهم خلقاً جديداً فيلقون في النار ، وذلك قوله :{ يطوفون بينها وبين حميم آن } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

ثم بين - سبحانه - ما يحل بالمجرمين فى هذا اليوم من عذاب فقال : { يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هذه جَهَنَّمُ التي يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .

وقوله : { بِسِيمَاهُمْ } أى : بعلاماتهم التى تدل عليهم ، وهى زرقة العيون . وسواد الوجوه ، كما فى قوله - تعالى - : { وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ . . . } وكما فى قوله - سبحانه - : { يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً . . . } والنواصى : جمع ناصية ، وهى مقدم الرأس . والأقدام : جمع قدم ، وهو ظاهر الساق ، و " ال " فى هذين اللفظين عوض عن المضاف إليه .

والمراد بالطواف فى قوله : { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا . . } كثرة التردد والرجوع إليها بين وقت وآخر .

والحميم : الماء الشديد الغليان والحرارة .

و { آنٍ } : أى : قد بلغ النهاية فى شدة الحرارة ، يقال : أَنَى الحميم ، أى انتهى حره إلى أقصى مداه ، فهو آن وبلغ الشىء أناه - بفتح الهمزة وكسرها - إذا وصل إلى غاية نضجه وإدراكه ، ومنه قوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } أى : نضجه .

أى : فى هذا اليوم ، وهو يوم الحساب والجزاء { يُعْرَفُ المجرمون } بسواد وجوههم ، وزرقة عيونهم ، وبما تعلو أفئدتهم من غبرة ترهقها قترة . فتأخذ الملائكة بالشعر الذى فى مقدمة رءوسهم ، وبالأمكنة الظاهرة من سيقانهم ، وتقذف بهم فى النار ، وتقول لهم على سبيل الإهانة والإذلا : هذه جهنم التى كنتم تكذبون بها فى الدنيا أيها المجرمون ، فترددوا بين مائها الحار ، وبين سعيرها البالغ النهاية فى الشدة .

وفى قوله : { فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام } إشارة إلى التمكن منهم تمكنا شديدا ، بحيث لا يستطيعون التفلت أو الهرب .

وقد ختمت كل آية من هذه الآيات السابقة بقوله - تعالى - : { فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } لأن عقاب العصاة المجرمين ، وإثابة الطائعين المتقين ، يدل على كمال عدله - سبحانه - ، وعلى فضله ونعمته على من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى .

قال الإمام ابن كثير : ولما كان معاقبة العصاة المجرمين ، وتنعيم المتقين ، ومن فضله . ورحمته ، وعدله ، ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم من عذابه وبأسه ، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصى وغير ذلك قال ممتنا بذلك على بريته { فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

( يطوفون بينها وبين حميم آن ) . . متناه في الحرارة كأنه الطعام الناضج على النار ! وهم يتراوحون بين جهنم وبين هذا السائل الآني . انظروا إنهم يطوفون الآن !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

وقوله : { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } أي : تارة يعذبون في الجحيم ، وتارة يسقون من الحميم ، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب ، يقطع الأمعاء والأحشاء ، وهذه كقوله تعالى : { إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ . فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } [ غافر : 71 ، 72 ] .

وقوله : { آن } أي : حار وقد بلغ الغاية في الحرارة ، لا يستطاع من شدة ذلك .

قال ابن عباس في قوله : { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } قد انتهى غلْيه ، واشتد حرّه . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والحسن ، والثوري ، والسدي .

وقال قتادة : قد أنَى طبخه منذ خلق الله السموات والأرض . وقال محمد بن كعب القرظي : يؤخذ العبد فيحرّكُ بناصيته في ذلك الحميم ، حتى يذوب {[27907]} اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس . وهي كالتي يقول الله تعالى : { فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } . والحميم الآن : يعني الحار . وعن القرظي رواية أخرى : { حَمِيمٍ آنٍ } أي : حاضر . وهو قول ابن زيد أيضا ، والحاضر ، لا ينافي ما روي عن القرظي أولا أنه الحار ، كقوله تعالى : { تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } [ الغاشية : 5 ] أي حارة شديدة الحر لا تستطاع . وكقوله : { غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } [ الأحزاب : 53 ] يعني : استواءه ونضجه . فقوله : { حَمِيمٍ آنٍ } أي : حميم حار جدا .


[27907]:- (4) في م: "حتى تذوب".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

يطوفون بينها بين النار يحرقون بها وبين حميم ماء حار آن بلغ النهاية في الحرارة يصب عليهم أو يسقون منه وقيل إذا استغاثوا من النار أغيثوا بالحميم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

والطواف : ترداد المشي والإِكثار منه ، يقال : طاف به ، وطاف عليه ، ومنه الطواف بالكعبة ، والطواف بالصفا والمروة ، قال تعالى : { فلا جناح عليه أن يطَّوف بهما } وتقدم في سورة البقرة ( 158 ) .

والحميمُ : الماء المغلَّى الشديد الحرارة .

والمعنى : يمشون بين مكان النار وبين الحميم فإذا أصابهم حرّ النار طلبوا التبرد فلاح لهم الماء فذهبوا إليه فأصابهم حرُّه فانصرفوا إلى النار دَوَاليْك وهذا كقوله : { وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل } [ الكهف : 29 ] .

وآنٍ : اسم فاعل من أنَى ، إذا اشتدت حرارته .