المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

19- ومن أراد بعمله الآخرة ، ولها عمل ، وهو مصدق بالله وجزائه ، فأولئك كان عملهم مقبولاً عند الله ينالون الثواب عليه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

قوله تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } ، عمل عملها ، { وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً } ، مقبولاً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

وقوله - سبحانه - : { وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } بيان لحسن عاقبة المؤمنين الصادقين بعد بيان سوء عاقبة المؤثرين لمتع الدنيا وشهواتها .

أى : ومن أراد بقوله وعمله ثواب الدار الآخرة ، وما فيها من عطاء غير مقطوع ، وسعى لهذه الدار سعيها الذى يوصله إلى مرضاة الله - تعالى - حالة كونه مؤمنا بالله - تعالى - وبكل ما يجب الإِيمان به ، { فأولئك } الذى فعلوا ذلك ، { كان سعيهم } للدار الآخرة سعيا { مشكورا } : من الله - تعالى - ، حيث يقبله - سبحانه - منهم ، ويكافئهم عليه بما يستحقون من ثواب لا يعلم مقداره إلا هو - سبحانه - وعبر - عز وجل - بالسعى عن أعمالهم الصالحة ، للإِشعار بجدهم وحرصهم على أداء ما يرضيه - تعالى - بدون إبطاء أو تأخير ، إذ السعى يطلق على المشى الذى تصاحبه السرعة . وأشار - سبحانه - إليهم بأولئك ، للإِشعار بعلو درجاتهم وسمو مراتبهم .

قال بعض العلماء ما ملخصه : وفى الآية الدليل الواضح على أن الأعمال الصالحة لا تنفع إلا مع الإِيمان بالله - تعالى - لأن الكفر سيئة لا تنفع معها حسنة .

ولذا قال - سبحانه - : { وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ . . } .

وقد أوضح - سبحانه - هذا فى آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } ومفهوم هذه الآية وأمثالها ، أن غير المؤمن إذا قدم عملا صالحا فى الدنيا لا ينفعه فى الآخرة لفقد شرط الإِيمان ، قال - تعالى - : { وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } " وروى الإِمام مسلم فى صحيحه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها فى الدنيا ، ويجزى بها فى الآخرة . وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله فى الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها " " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) .

والذي يريد الآخرة لا بد أن يسعى لها سعيها ، فيؤدي تكاليفها ، وينهض بتبعاتها ، ويقيم سعيه لها على الإيمان . وليس الإيمان بالتمني ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل . والسعي للآخرة لا يحرم المرء من لذائذ الدنيا الطيبة ، إنما يمد بالبصر إلى آفاق أعلى فلا يكون المتاع في الأرض هو الهدف والغاية . ولا ضير بعد ذلك من المتاع حين يملك إنسان نفسه ، فلا يكون عبدا لهذا المتاع .

وإذا كان الذي يريد العاجلة ينتهي إلى جهنم مذموما مدحورا ، فالذي يريد الآخرة ويسعى لها سعيها ينتهي إليها مشكورا يتلقى التكريم في الملأ الأعلى جزاء السعي الكريم لهدف كريم ، وجزاء التطلع إلى الأفق البعيد الوضيء .

إن الحياة للأرض حياة تليق بالديدان والزواحف والحشرات والهوام والوحوش والأنعام . فأما الحياة للآخرة فهي الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله ، الذي خلقه فسواه ، وأودع روحه ذلك السر الذي ينزع به إلى السماء وإن استقرت على الأرض قدماه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

وقوله : { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ } أي : أراد الدار الآخرة وما فيها من النعيم والسرور { وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا } أي : طلب ذلك من طريقه وهو متابعة الرسول { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } أي : وقلبه مؤمن ، أي : مصدق بالثواب والجزاء { فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

{ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } حقها من السعي وهو الإتيان بما أمر به ، والانتهاء عما نهى عنه لا التقرب بما يخترعون بآرائهم . وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص . { وهو مؤمن } إيمانا صحيحا لا شرك معه ولا تكذيب فإنه العمدة . { فأولئك } الجامعون للشروط الثلاثة . { كان سعيهم مشكورا } من الله تعالى أي مقبولا عنده مثابا عليه ، فإن شكر الله الثواب على الطاعة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

وقوله { ومن أراد الآخرة } الآية ، المعنى ومن أراد الآخرة إرادة يقين بها وإيمان بها وبالله ورسالاته .

قال القاضي أبو محمد : وذلك كله مرتبط متلازم ثم شرط في مريد الآخرة أن يسعى لها سعيها وهو ملازمة أعمال الخير وأقواله على حكم الشرع وطرقه ، فأولئك يشكر الله سعيهم ولا يشكر الله عملاً ولا سعياً إلا أثاب عليه وغفر بسببه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرجل الذي سقى الكلب العاطش فشكر الله له فغفر له{[7513]} .


[7513]:حديث الكلبي أخرجه البخاري في الشرب والمظالم والأدب، ومسلم في السلام، وأبو داود في الجهاد، ومالك في موطئه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وأحمد في مسنده (3-375، 517)، ولفظه كما في مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له)، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في هذه البهائم لأجرا، فقال: (في كل كبد رطب أجر).