البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

{ ومن أراد الآخرة } أي ثواب الآخرة بأن يؤثرها على الدنيا ، ويعقد إرادته بها { وسعى } فيما كلف من الأعمال والأقوال { سعيها } أي السعي المعد للنجاة فيها .

{ وهو مؤمن } هو الشرط الأعظم في النجاة فلا تنفع إرادة ولا سعي إلا بحصوله .

وفي الحقيقة هو الناشئ عنه إرادة الآخرة والسعي للنجاة فيها وحصول الثواب ، وعن بعض المتقدّمين من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله : إيمان ثابت ، ونية صادقة ، وعمل مصيب ، وتلا هذه الآية { فأولئك } إشارة إلى من اتصف بهذه الأوصاف وراعى معنى من فلذلك كان بلفظ الجمع ، والله تعالى يشكرهم على طاعتهم وهو تعالى المشكور على ما أعطى من العقل وإنزال الكتب وإيضاح الدلائل ، وهو المستحق للشكر حقيقة ومعنى شكره تعالى المطيع الإثناء عليه وثوابه على طاعته .