فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

{ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ( 19 ) }

{ وَمَنْ أَرَادَ } بأعماله الدار { الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا } أي من أجلها ، وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص لأنها للاختصاص { سَعْيَهَا } أي السعي الحقيقي بها اللائق بطالبها ، وهو الإتيان بما أمر به وترك ما نهى عنه خالصا لله غير مشوب وكان الإتيان به على القانون الشرعي من دون ابتداع ولا هوى ولا التقرب بما يخترعون بآرائهم .

{ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } بالله إيمانا صحيحا ، لأن العمل الصالح لا يستحق صاحبه الجزاء عليه إلا إذا كان من المؤمنين { إنما يتقبل الله من المتقين } والواو للحال { فَأُولَئِكَ } أي المريدون للآخرة الساعون لها سعيها ؛ وفيه مراعاة معنى من بعد مراعاة لفظها وهو مبتدأ وخبره { كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا } عند الله أي مقبولا غير مردود ؛ وقيل مضاعفا إلى أضعاف كثيرة .

فقد اعتبر سبحانه في كون السعي مشكورا أمورا ثلاثة :

الأول : إرادة الآخرة .

الثاني : أن يسعى لها السعي الذي يحق لها .

والثالث : أن يكون مؤمنا وفي الخطيب قال بعض السلف الصالح ؛ من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله : إيمان ثابت ونية صادقة وعمل مصيب ، وتلا هذه الآية .