محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

[ 19 ] { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا 19 } .

/ [ 18 ] { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا 18 } .

{ من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } .

أي من كان طلبه الدنيا العاجلة ، ولها يعمل ويسعى ، وإياها يبتغي . لا يوقن بمعاد ولا يرجو ثوابا ولا عقابا من ربه على عمله ، عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد . أي ما نشاؤه من بسط الدنيا عليه أو تقتيرها لمن أراد الله أن يفعل به ذلك . أو من إهلاكه بما يشاء تعالى من عقوباته المعجلة . ثم يصلى جهنم في الآخرة مذموما على قلة شكره لمولاه ، وسوء صنيعه فيما سلف له . مدحورا مطرودا من الرحمة ، مبعدا مقصيّا في النار . ومن أراد الآخرة وإياها طلب ، ولها عمل عملها الذي هو طاعة الله وما يرضيه عنه ، فأولئك كان عملهم مشكورا بحسن الجزاء .

تنبيه :

قال القفال رحمه الله : هذه الآية داخلة في معنى قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } فالآية الأولى تشير إلى من جعل طائر نفسه شؤما . والثانية لمن جعله يمنا وخيرا . وفي قوله تعالى : { وسعى لها سعيها } أي ما يحق ويليق بها من الأعمال الصالحة ، تبين قوله : { ومن أراد الآخرة } بأن إرادتها هو بالسعي والنصب في مغالبة الباطل وإعلاء شأن الحق مع التلبس باٌلإيمان الصحيح ، بفعل المأمور واجتناب المنهي عنه .