إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

{ وَمَنْ أَرَادَ } بأعماله { الآخرة } الدارَ الآخرةَ وما فيها من النعيم المقيم { وسعى لَهَا سَعْيَهَا } أي السعْيَ اللائقَ بها وهو الإتيانُ بما أُمر والانتهاءُ عما نُهيَ لا التقرّبُ بما يخترعون بآرائهم ، وفائدةُ اللام اعتبارُ النيةِ والإخلاص { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } إيماناً صحيحاً لا يخالطه شيءٌ قادحٌ فيه ، وإيرادُ الإيمانِ بالجملة الحالية للدِلالة على اشتراط مقارنتِه لما ذُكر في حيِّز الصلة { فَأُوْلَئِكَ } إشارةٌ إلى الموصولِ بعنوان اتصافِه بما في حيز الصلةِ ، وما في ذلك من معنى البعدِ للإشعار بعلو درجتِهم وبُعد منزلتِهم ، والجمعيةُ لمراعاة جانب المعنى إيماءً إلى أن الإثابة المفهومةَ من الخبر تقع على وجه الاجتماعِ أي أولئك الجامعون لما مر من الخصال الحميدةِ ، أعني إرادةَ الآخرةِ والسعيَ الجميلَ لها والإيمانَ { كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا } مقبولاً عند الله تعالى أحسنَ القَبول مُثاباً عليه ، وفي تعليق المشكوريّةِ بالسعْي دون قرينَيْهِ إشعارٌ بأنه العمدةُ فيها .