المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

102- وما وجدنا لأكثر أولئك الأقوام وفاء بميثاق مما أوصيناهم به من الإيمان ، على لسان الرسل ، وعلى ما يوحى به العقل والنظر السليم . وإن الشأن المطرد فيهم تَمكُّن أكثرهم من الفسوق والخروج عن كل عهد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

قوله تعالى : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد } ، أي : وفاء بالعهد الذي عاهدهم يوم الميثاق ، حين أخرجهم من صلب آدم .

قوله تعالى : { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } ، أي : ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين ، ناقضين للعهد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

ثم كشف القرآن عن طبيعتهم فقال : { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } .

أى : ما وجدنا لأكثر الناس من وفاء بعهودهم في الإيمان والتقوى ، بل الحال والشأن أننا علمنا أن أكثرهم فاسقين ، أى خارجين عن طاعتنا ، تاركين لأوامرنا ، منتهكين لحرماتنا .

وبعضهم يجعل الضمير في { لأَكْثَرِهِم } لأهل القرى المهلكة ، وأنهم كانوا إذا عاهدوا الله بعهد نقضوه ولم يوفوا به . والأول أرجح .

والمراد بالعهد ما عاهدهم الله عليه من الإيمان والتقوى والعمل الصالح .

ومن في قوله { مِّنْ عَهْدٍ } مزيدة للاستغراق وتأكيد النفى .

وإنما حكم على الأكثرين منهم ينقض العهود ، لأن الأقلية منهم قد آمنوا ووفوا بما عاهدوا الله عليه من الإيمان والعمل الصالح .

وهذا لون من الاحتراس الذي امتاز به القرآن في عرضه للحقائق ، فهو لا يلقى التهم جزافاً ، وإنما يعطى كل ذى حق حقه ، فإن كان الأكثرون قد استحقوا الذم لكفرهم ونقضهم لعهودهم ، فإن هناك قلة آمنت فاستحقت المدح والثناء .

قال الآلوسى : و { إِن } مخففة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف ، ولا عمل لها فيه لأنها ملغاة على المشهور . وذهب الكوفيون إلى أن { إِن } هنا نافية واللام في { لَفَاسِقِينَ } بمعنى إلا ، أى : ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين " .

وإلى هنا تكون الآيات الكريمة التي جاءت في أعقاب الحديث عن أهل القرى المهلكة ، قد بينت لنا السنن الإلهية في سعادة الأمم وشقائها ، وكشفت لنا عن حكمته - سبحانه - في ابتلائه لعباده بالسراء تارة وبالضراء أخرى ، وحضت الناس على المراقبة لله وشكره على نعمائه ، وحذرتهم من الغفلة والأمان من مكره - سبحانه - فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

94

ولقد تكشفت تلك التجارب عن طبيعة غالبة :

( وما وجدنا لأكثرهم من عهد ، وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) . .

والعهد الذي يشار إليه هنا قد يكون هو عهد الله على فطرة البشر ، الذي ورد ذكره في أواخر السورة : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا ) . .

وقد يكون هو عهد الإيمان الذي أعطاه أسلافهم الذين آمنوا بالرسل . ثم انحرفت الخلائف . كما يقع في كل جاهلية . إذ تظل الأجيال تنحرف شيئاً فشيئاً حتى تخرج من عهد الإيمان ، وترتد الى الجاهلية .

وأياً كان العهد فقد تبين أن أهل هذه القرى لا عهد لأكثرهم يستمسكون به ، ويثبتون عليه . إنما هو الهوى المتقلب ، والطبيعة التي لا تصبر على تكاليف العهد ولا تستقيم .

( وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) . .

منحرفين عن دين الله وعهده القديم . . وهذه ثمرة التقلب ، ونقض العهد ، واتباع الهوى . . ومن لم يمسك نفسه على عهده مع الله ، مستقيماً على طريقته ، مسترشداً بهداه . فلا بد أن تتفرق به السبل ، ولا بد أن ينحرف ، ولا بد أن يفسق . . وكذلك كان أهل تلك القرى . وكذلك انتهى بهم المطاف . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى التي أهلكناها واقتصصنا عليك يا محمد نبأها من عهد ، يقول : من وفاء بما وصيناهم به من توحيد الله ، واتباع رسله ، والعمل بطاعته ، واجتناب معاصيه وهجر عبادة الأوثان والأصنام . والعهد : هو الوصية ، وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته . وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ يقول : وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة عن طاعة ربهم ، تاركين عهده ووصيته . وقد بيّنا معنى الفسق قبل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ قال : القرون الماضية .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : وَما وَجَدْنا لاِءَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ . . . الاَية ، قال : القرون الماضية وعهده الذي أخذه من بني آدم في ظهر آدم ولم يفوا به .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أُبيّ بن كعب : وَما وَجَدْنا لاِءَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ قال : في الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم عليه السلام .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وَما وَجَدْنا لاِءَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ وذلك أن الله إنما أهلك القُرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به .