قوله تعالى : { لأَكْثَرِهِم } : الظاهرُ أنه متعلِّقٌ بالوِجْدان كقولك : ما وَجَدْت له مالاً أي : ما صادَفْتُ له مالاً ولا لَقِيْتُه . الثاني : أن يكون حالاً من " عهد " لأنه في الأصل صفةُ نكرةٍ فلمَّا قُدِّم عليها نُصِب على الحال ، والأصل : وما وَجَدْنا عهداً لأكثرهم ، وهذا ما لم يذكر أبو البقاء غيره . وعلى هذين الوجهين ف " وجد " متعدية لواحد وهو " مِنْ عهد " ، و " مِنْ " مزيدة فيه لوجودِ الشرطين . الثالث : أنه في محل نصب مفعولاً ثانياً لوجد إذ هي بمعنى عِلْمية ، والمفعول هو " من عهد " . وقد يترجَّح هذا بأن " وَجَد " الثانيةَ عِلْمية لا وِجْدانية بمعنى الإِصابة ، وسيأتي دليل ذلك . فإذا تقرَّر هذا فينبغي أن تكونَ الأولى كذلك مطابقةً للكلام ومناسبة له . ومَنْ يرجِّح الأولَ يقول : إنَّ الأولى لمعنى ، والثانية لمعنى آخر .
قوله : { وَإِن وَجَدْنَآ } " إنْ " هذه هي المخففة ، وليست هنا عاملةٌ لمباشرتها الفعلَ فزال اختصاصُها المقتضي لإِعمالها . وقال الزمخشري : " وإنَّ الشأنَ والحديثَ وَجَدْنا " فظاهرُ هذه العبارة أنها مُعْمَلة ، وأنَّ اسمَها ضميرُ الأمر والشأن . وقد صَرَّح أبو البقاء هنا بأنها معملةٌ وأن اسمَها محذوفٌ ، إلا أنه لم يقدِّره ضميرَ الحديث بل غيرَه . فقال : " واسمُها محذوفٌ أي : إنَّا وجدنا " وهذا مذهب النحويين أعني اعتقادَ إعمالِ المخففِ من هذه الحروفِ في " أنْ " المفتوحة على الصحيح وفي " كأنْ " التشبيهية ، وأما " إنْ " المخففةُ المكسورةُ فلا . وقد تقدَّم ذلك بأوضح من هذا .
ووجد هنا متعديةٌ لاثنين أولهما " أكثرهم " ، والثاني " لَفاسقين " . قال الزمخشري : " والوجودُ بمعنى العلم من قولك : " وَجَدْتُ زيداً ذا الحفاظ " بدليل دخول " إنْ " المخففة ، واللامُ الفارقة ، ولا يَسُوغ ذلك إلا في المبتدأ والخبر والأفعالِ الداخلةِ عليهما " يعني أنها مختصةٌ بالابتداء أو بالأفعالِ الناسخة له ، وهذا مذهب الجمهور ، وقد تقدَّم لك خلافٌ عن الأخفش : أنه يُجَوِّز على غيرها وقَدَّمْتُ دليله على ذلك . واللام فارقةٌ . وقيل : هي عوضٌ من التشديد . قال مكي : " ولَزِمَتِ اللامُ في خبرها عوضاً من التشديد " . والمحذوفُ الأول . وتقدَّم/ الكلامُ أيضاً أن بعض الكوفيين يجعلون " إنْ " نافيةً ، واللامَ بمعنى " إلا " في قوله تعالى : { وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً } [ البقرة : 143 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.