{ وَمَا وَجَدْنَا لاِكْثَرِهِم } أي أكثر الأمم المذكورين ، ووجد متعدية لواحد واللام متعلقة بها كما في قولك : ما وجدت لزيد مالا أي ما صادفت له مالا ولا لقيته أو بمحذوف كما قال أبو البقاء وقع حالا من قوله تعالى : { مَّنْ عاهد } لأنه في الأصل صفة للنكرة فلما قدمت عليها انتصبت حالا ومن مزيدة للاستغراق وجوز أن تكون وجد علمية والأول أظهر ، والكلام على تقدير مضاف أي ما وجدنا وفاء عهد كائن لأكثرهم فإنهم نقضوا ما عاهدوا عليه الله تعالى عند مساس البأساء والضراء قائلين { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِين } [ يونس : 22 ] وإلى هذا ذهب قتادة وتخصيص هذا الشأن بأكثرهم ليس لأن بعضهم كانوا يوفون بالعهد بل لأن بعضهم كانوا لا يعهدون ولا يوفون ، وقيل : المراد بالعهد ما وقع يوم أخد الميثاق ، وروي ذلك عن أبي بن كعب . وأبي العالية ، وقيل : المراد به ما عهد الله تعالى إليهم من الإيمان والتقوى بنصب الدلائل والحجج وإنزال الآيات ، وفسره ابن مسعود بالإيمان كما في قوله تعالى : { اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } [ مريم : 78 ] ، وقيل : هو بمعنى البقاء أي ما وجدنا لهم بقاء على فطرتهم ، والمراد بالأكثر في الكل الكل ، وذهب كثير من الناس إلى أن ضمير أكثرهم للناس وهو معلوم لشهرته ، والجملة إلى فاسقين اعتراض لأنه لا اختصاص له بما قبله لكن لعمومه يؤكده . وعلى الأول تتميم على ما نص عليه الطيبي وغيره { وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ } أي أكثر الأمم أو أكثر الناس أي علمناهم كقولك : وجدت زيداً فاضلاً وبين وجد هذه ووجد السابق على المعنى الأول فيه الجناس التام المماثل و { ءانٍ } مخففة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف ولا عمل لها فيه لأنها ملغاة على المشهور ، وتعين تفسير وجد بعلم الناصبة للمبتدأ والخبر لدخولها عليهما ، فقد صرح الجمهور أنها لا تدخل إلا على المبتدأ أو على الأفعال الناسخة وخالف في ذلك الأخفش فلا يرى ذلك .
وجوز دخولها على غيرهما ، وذهب الكوفيون إلى أن إن نافية ، واللام في قوله سبحانه : { لفاسقين } اللام الفارقة وعند الكوفيين أن إن نافية واللام بمعنى إلا أي ما وجدنا أكثرهم الا خارجين عن الطاعة ويدخل في ذلك نقض العهد ، وذكر الطيبي أنه إذا فسر الفاسقون بالناكثين يكون في الآية الطرد والعكس ، وهو أن يؤتي بكلامين يقرر الأول بمنطوقه مفهوم الثاني وبالعكس ، وهو كقوله تعالى : { لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم } إلى قوله سبحانه : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ } [ النور : 58 ] فمنطوق الأمر بالاستئذان في الأوقات الثلاثة خاصة مقرر لمفهوم رفع الجناح فيما عداها وبالعكس ، وكذا قوله تعالى : { لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم : 6 ] وهذا النوع من الأطناب يقابله في الإيجاز نوع الاحتباك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.