وقوله - سبحانه - : { بلى قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا واستكبرت وَكُنتَ مِنَ الكافرين } رد منه - عز وجل - على هذا القائل : { لَوْ أَنَّ الله هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ المتقين } وتكذيب له فى هذه الدعوى .
والمراد بالآيات : الحجج والبراهين الدالة على حقيقة دين الإِسلام ، وعلى رأسها آيات القرآن الكريم .
أى ليس الأمر كما ذكرت أيها النادم على ما فرط منه ، من أن الله لا يهدك إلى الطريق القويم ، بل الحق أن الله - تعالى قد أرشدك إليه عن طريق إرساله رسوله ، وإنزال كتابه ، ولكنك كذبت رسوله ، واستكبرت عن سماع آيات الله وعن اتباعها ، وكنت فى دنياك من الكافرين بها ، الجاحدين لصدقها ، فأصابك ما أصابك من عذاب الآخرة بسبب أعمالك القبيحة فى الدنيا .
قال الشوكانى : وجاء - سبحانه - بخطاب المذكر فى قوله : " جاءتك ، وكذبت ، واستكبرت ، وكنت " لأن النفس تطلق على المذكر والمؤنث . قال المبرد : تقول العرب نفس واحد . أى ، إنسان واحد . .
القول في تأويل قوله تعالى : { بَلَىَ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } .
يقول تعالى ذكره مكذبا للقائل : لَوْ أنّ اللّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ المُتّقِينَ ، وللقائل : لَوْ أنّ لي كَرّةً فأكُونَ مِنَ المُحْسِنِينَ : ما القول كما تقولون بَلَى قَدْ جاءَتْكَ أيها المتمني على الله الرد إلى الدنيا لتكون فيها من المحسنين آياتِي يقول : قد جاءتك حججي من بين رسول أرسلته إليك ، وكتاب أنزلته يتلى عليك ما فيه من الوعد والوعيد والتذكر فَكَذّبْتَ بآياتي واسْتَكْبَرْتَ عن قبولها واتباعها وكُنْتُ مِنَ الكافِرِينَ يقول : وكنت ممن يعمل عمل الكافرين ، ويسنّ بسنتهم ، ويتبع منهاجهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : يقول الله ردّا لقولهم ، وتكذيبا لهم ، يعني لقول القائلين : لَوْ أنّ اللّهَ هَدانِي ، والصنف الاَخر : بَلى قَدْ جاءَتْكَ إياتي . . . الاَية .
وبفتح الكاف والتاء من قوله قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذّبْتَ على وجه المخاطبة للذكور ، قرأه القرّاء في جميع أمصار الإسلام . وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ذلك بكسر جميعه على وجه الخطاب للنفس ، كأنه قال : أن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ، بلى قد جاءتكِ أيتها النفس آياتي ، فكذّبتِ بها ، أجرى الكلام كله على النفس ، إذا كان ابتداء الكلام بها جرى ، والقراءة التي لا أستجيز خلافها ، ما جاءت به قرّاء الأمصار مجمعة عليه ، نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الفتح في جميع ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.