قوله : { بَلَى } حرف جواب وفيما وقعت جواباً له وجهان :
أحدهما : هو نفي مقدر ، قال ابن عطية : وحق «بلى » أن تجيء بعد نفي عليه تقرير ، كأن النفس قالت : لم يتسع لي النظر{[47619]} أو لم يبين لي الأمر{[47620]} ، قال أبو حيان : ليس{[47621]} حقها النفي المقدر بل حقها النفي ثم حمل التقرير عليه ولذلك أجاب بعض العرب النفي المقدر بنعم دون بلى ، وكذا وقع في عبارة سيبويه{[47622]} نفسه .
والثاني : أن التمني المذكور وجوابه متضَمِّنان لنفي الهداية كأنه قال : لم أهتدِ فرد الله عليه ذلك{[47623]} .
قال الزجاج : «بلى » جواب النفي وليس في الكلام لفظ النفي إلا أنه حصل فيه معنى النفي لأن قوله : «لو أن الله هداني » أنه ما هداني فلا جرم حسن ذكر «بلى » بعده{[47624]} .
قال الزمخشري : فإن قلت : هلا{[47625]} قرن الجواب بينهما بما هو جواب له وهو قوله : لو أن الله هداني ولم يفصل بينهما قلت : لأنه لا يخلو إمّا أن يقدم على أخرى القرائن الثلاث فيفرق بينهن ، وإما أن يؤخر{[47626]} القرينة الوسطى فلم يحسن الأول لما فيه من تغير{[47627]} النظم بالجمع بين القراءتين ، وأما الثاني فلِما فيه من نقض الترتيب وهو التحسر على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية ثم تمنِّي الرجعة فكان الصواب ما جاء عليه وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها ، ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب{[47628]} .
قوله : { جَآءَتْكَ } قرأ العامة بفتح الكاف «فَكَذَّبْتَ وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ » بفتح التاء خطاباً للكافرين دون النفس . وقرأ الجَحْدَريُّ وأبو حَيْوَة وابنُ يَعْمُرَ والشافعيُّ عن ابن كثير وروتها أم سلمة عنه - عليه ( الصلاة و ) السلام- وبها قرأ أبُو بكر وابنتُه عائشةُ- رضي الله عنهما- بكسر الكاف والتاء{[47629]} ؛ خطاباً للنفس والحَسَنُ والأعرجُ والأعمشُ «جَأتْكَ »{[47630]} بوزن «جَعَتْكَ » بهمزة دون ألف ؛ فيحتمل أن يكون قصراً كقراءة قُنْبُل { أَن رَّآهُ استغنى }{[47631]} [ العلق : 7 ] وأن يكون في الكلمة قلبٌ بأن قُدّمتِ اللام على العين فالتقى ساكنان ، فحذفت الألف لالتقائهما نحو : رُمْتُ وغُزْت{[47632]} ، ومعنى الآية يقال لهذا القائل : بَلَى قَدْ جَاءتُكَ آيَاتِي يعني القرآن «فكذبت » وقلت ليست من الله واستكبرت أي تكبرت عن الإيمان بها وكنت من الكافرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.