السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَلَىٰ قَدۡ جَآءَتۡكَ ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (59)

ثم أجاب الله تعالى هذا القائل بقوله سبحانه : { بلى قد جاءتك آياتي } أي : القرآن وهي سبب الهداية { فكذبت بها } أي : قلت ليست من عند الله { واستكبرت } أي : تكبرت عن الإيمان بها { وكنت من الكافرين } .

فإن قيل : هلا قرن الجواب بما هو جواب له وهو قوله : { لو أن الله هداني } ( الزمر : 57 ) ولم يفصل بينهما ؟ أجيب : بأنه لا يخلو إما أن يقدم على أخرى القرائن الثلاث فيفرق بينهن وإما أن تؤخر القرينة الوسطى ، فلم يحسن الأول لما فيه من تبتير النظم بالجمع بين القرائن ، وأما الثاني فيه من نقض الترتيب وهو التحسر على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية ، ثم تمنى الرجعة فكان الصواب ما جاء عليه وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب ، فإن قيل : كيف صح أن تقع بلى جواباً لغير منفي ؟ أجيب : بأن قوله { لو أن الله هداني } بمعنى ما هديت .