المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (136)

136- أولئك المتصفون بهذه الصفات أجرهم مغفرة عظيمة من ربهم مالك أمرهم ، وجنات تجري الأنهار بين أشجارها لا يبرحونها . ونعم ذلك ثوابا للعاملين بأمر اللَّه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (136)

قوله تعالى : { أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين } . ثواب المطيعين .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الزياتي ، أنا حميد بن زنجويه ، أنا عفان بن مسلم ، أنا أبو عوانة ، أنا عثمان بن المغيرة ، عن علي بن ربيعة الأسدي عن أسماء بن الحكم الفزاري قال : سمعت علياً رضي الله عنه يقول : إني كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ينفعني الله منه بما شاء أن ينفعني ؛ وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته ، وإنه حدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر- أنه سمع رسول الله يقول : " ما من عبد مؤمن يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له " . ورواه أبو عيسى عن قتيبة عن أبي عوانة ، زاد ثم قرأ { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } الآية .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أنا أبو جعفر الزياتي ، أنا حميد بن زنجويه ، أنا هشام بن عبد الملك ، أخبرنا همام ، عن إسحاق عن عبد الله بن أبي طلحة قال : كان قاض بالمدينة يقال له عبد الرحمن بن أبي عمر وسمعته يقول : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن عبداً أذنب ذنباً فقال : أي رب ! أذنبت ذنباً فاغفره لي ، قال : فقال ربه عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، غفرت لعبدي ، ثم مكث ما شاء الله ، ثم أذنب ذنباً آخر فقال : رب أذنبت ذنباً فاغفره لي ، فقال ربه عز وجل : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء " . أخبرناعبد الواحد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أنا أبو جعفر الزياتي ، أنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا النعمان السدوسي ، أخبرنا المهدي بن ميمون ، أخبرنا غيلان بن جرير ، عن شهر بن حوشب عن معديكرب عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تبارك وتعالى : " قال يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ، ابن آدم إن لقيتنني بتراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرةً بعد أن لا تشرك بي شيئاً ، ابن آدم إنك إن تذنب حتى تبلغ ذنوبك عنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين الحسني ، أنا عبد الله بن محمود بن حسن الشرقي ، أنا أبو الأزهر أحمد ابن الأزهر ، أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى " من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئاً " . قال ثابت البناني بلغني أن إبليس بكى حين نزلت هذه الآية ( والذين إذا فعلوا فاحشة ) إلى آخرها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (136)

ثم بين - سبحانه - عاقبة من هذه صفاتهم فقال : { أولئك جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العاملين } .

أى : أولئك الموصوفون بتلك الصفات السابقة من الإنفاق فى السراء والضراء ، وكظم الغيظ ، والعفو عن الناس . . إلخ { أولئك جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } تستر ذنوبهم ، وتمسح خطاياهم .

وفى الإشارة إليهم بأولئك الدالة على البعد ، إشعار بعلو منزلتهم فى الفضل ، وسمو مكانتهم عند الله - تعالى - .

وقوله { وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } معطوف على { مَّغْفِرَةٌ } أى لهم بجانب هذه المغفرة جنات تجرى من تحت أشجارها وثمرها الأنهار .

وقوله { خَالِدِينَ فِيهَا } حال مقدرة من الضمير المجرور فى { جَزَآؤُهُمْ } لأنه مفعول به فى المعنى ، إذ هو بمعنى أولئك يجزيهم الله - تعالى - جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها . فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وعد أصحاب هذه الصفات بأمور ثلاثة .

وعدهم بغفران ذنوبهم وهذا منتهى الآمانى والآمال .

ووعدهم بإدخالهم فى جناته التى يتوفر لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين .

ووعدهم بالخلود فى تلك الجنات حتى يتم لهم السرور والحبور .

وقوله - تعالى - { وَنِعْمَ أَجْرُ العاملين } تذييل قصد به مدح ما أعد لهم من جزاءن حتى يرغب فى تحصيله العقلاء .

والمخصوص بالمدح محذوف أى ونعم أجر العاملين هذا الجزاء الذى وعدهم الله به مغفرة وجنات خالدين فيها .

وبذلك نرى السورة الكريمة قبل أن تفصل الحديث عن عزوة أحد ، قد ذكرت المؤمنين بطرف مما حدث من بعضهم فيها ، وبالنتائج الطيبة التى حصلوا عليها من غزوة بدر ، ثم أمرتهم بتقوى الله ، وبالمسارعة إلى الأعمال الصالحة التى توصلهم إلى رضاه .