الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أُوْلَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (136)

قال { أَجْرُ العاملين } بعد قوله : { جَزَآؤُهُمْ } [ آل عمران : 87 ] لأنهما في معنى واحد . وإنما خالف بين اللفظين لزيادة التنبيه على أنّ ذلك جزاء واجب على عمل ، وأجر مستحق عليه ، لا كما يقول المبطلون . وروي أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى : ما أقلّ حياء من يطمع في جنتي بغير عمل ، كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي . وعن شهر بن حوشب : طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب ، وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور ، وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وجهالة . وعن الحسن رضي الله عنه : يقول الله تعالى يوم القيامة «جوزوا الصراط بعفوي ، وادخلوا الجنة برحمتي ، واقتسموها بأعمالكم » وعن رابعة البصرية رضي الله عنها أنها كانت تنشد :

تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا *** إنّ السَّفِينَةَ لاَ تَجْرِي عَلَى اليَبَسِ

والمخصوص بالمدح محذوف تقديره : ونعم أجر العاملين ذلك . يعني المغفرة والجنات .