اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أُوْلَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ} (136)

قوله : { أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } ، والمعنى : أن المطلوب بالتوبة أمران :

الأول : الأمن من العقاب ، وإليه الإشارة بقوله : { مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } .

والثاني : إيصال الثواب إليه ، وهو المراد بقوله : { وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } .

قوله : { مِن رَّبِّهِمْ } في محل رفع ؛ نعتاً لِ " مَغْفِرَةٌ " ، و " مِنْ " للتبعيض ، أي : من مغفرات ربهم .

قوله : { خَالِدِينَ فِيهَا } حال من الضمير في { جَزَآؤُهُمْ } ؛ لأنه مفعول به في المعنى ؛ لأن المعنى : يجزيهم الله جنات في حال خلودهم ويكون حالاً مقدراً ، ولا يجوز أن تكون حالاً من " جَنَّاتٌ " في اللفظ ، وهي لأصحابها في المعنى ؛ إذْ لو كان ذلك لبرز الضمير ، لجَرَيان الصفة على غير مَنْ هي له ، والجملة من قوله : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } في محل رفع ؛ نعتاً لِ " جَنَّاتٌ " . وتقدم إعراب نظير هذه الجمل .

قوله : { وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } المخصوص بالمدح محذوف ، تقديره : ونِعْمَ أجر العاملين الجنة .

فصل

دلَّتْ هذه الآية على أن الغفران والجنات يكون أجراً لعملهم ، وجزاءً عليه .

قال القَاضِي : وهذا يُبْطِل قولَ مَنْ قال : إن الثواب تفضُّل من الله ، وليس بجزاءٍ على عملهم .

قال ثابت البُنَانِي : بلغني أن إبليسَ بكَى حين نزلت هذه الآية { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ } الآية .