الآية 136 ثم أخبر أن جزاء هؤلاء { مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } إلى آخر ما ذكر . دلت هذه الآيات على تأييد قولنا : إن أهل المساوي والفواحش إذا تابوا صاروا ممن أعدت لهم الجنة وإن لم يكونوا من المتقين من قبل ، فمثله إذا تجاوز الله عن سيئاتهم ( وعفا عنهم ) {[4415]} بما هو غفور والله أعلم .
قال الشيخ رحمه الله ، في قوله : { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } الآية يحتمل أن يكون الظلم غير الفاحشة ويحتمل أن يكونا واحدا في المراد إذ قد يكون في المعنى أن كل عاص{[4416]} ظالم لنفسه بمعنى ضرها بفحش{[4417]} لحظها إذا فعل ما هو ليس له الفعل ووضع اختياره في غير موضعه وهما معنيا{[4418]} الظلم ، وكذلك من تعدى حد الله ، أو آثر ما يزجره العقل والشرع فقد فحش فعله وذلك معنى الظلم الذي وصفت إذا فعل ما ليس له اختياره غير الذي له هو الذي يزجره العقل والشرع ، والله أعلم . ويحتمل التفريق وهو أن الظلم يجمع كل وجوه الخلاف عظم أو صغر ولذلك قد نسب ذلك إلى زلات الأخيار نحو ما قيل لآدم عليه السلام وحواء في أكل الشجرة : { فتكونا من الظالمين } ( البقرة 35 والأعراف 19 ) وقيل في الشرك : إن الله لا يحب القوم الظالمين والفواحش ، ما يظهر ويتبين قبحه /69-ب/ لا ما قل أو كثر في الذنوب ، وعلى ذلك النقصان ظلم{[4419]} بقوله : { ولم تظلم منه شيئا } ( الكهف 33 ) وقد يوصف العيب والنقصان بالفحش ) لكنه إذا كثر ، وظهر ، فمثله في الزلات ويكون كالطي ب في المحلات من المباح ونحوه في الدرجة ، والله أعلم .
ثم ليس بنا حاجة إلى معرفة المقصود بالذكر في الآية لما فيه الرجوع عن ذلك وطلب المغفرة . وكل أنواع المآثم بالتوبة تغفر بما وعد الله في الشرك والزنى والقتل فما دونه بقوله : { يضاعف له العذاب يوم القيامة } على تمام الآية ( الفرقان 69 ) والله أعلم .
وقوله تعالى : { إذا فعلوا فاحشة } تحتمل الفاحشة ما فحش في العقل وقبح وقال آخرون : كل محرم منهي ( عنه ){[4420]} فهو فاحشة والأول كأنه أقرب لأن الشيء ما لم يبلغ في الفحش والقبح غايته فإنه لا يقال : فاحشة وإذا بلغ الغاية فحينئذ كالطيب : إنه ذلك إذا بلغ غايته في الحل واللذة فإما أن يقال لكل حل في الإطلاق طيبا فلا . فعلى ذلك الفواحش لا يقال لكل محظور محرم ، إنما بلغ في القبح والفحش غايته ، فأما أن يقال ذلك لكل محرم منهي ( عنه ) {[4421]} فلا ، بالله التوفيق . والطيب ما استطابه الطبع ، فإذا بلغ طيبه غايته في الطبع فهو طيب والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.