{ وكذلك نصرف الآيات } ومثل هذا التصريف نصرف ، وهو إجراء المعنى الدائر في المعاني المتعاقبة من الصرف ، وهو نقل الشيء من حال إلى حال . { وليقولوا درست } أي وليقولوا درست صرفنا واللام لام العاقبة ، والدرس القراءة والتعلم . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو دارست أي دارست أهل الكتاب وذاكرتهم ، وابن عامر ويعقوب درست من الدروس أي قدمت هذه الآيات وعفت كقولهم أساطير الأولين . وقرئ { درست } بضم الراء مبالغة في درست ودرست على البناء للمفعول بمعنى قرئت ، أو عفيت ودارست بمعنى درست أو دارست اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم ، وجاز إضمارهم بلا ذكر لشهرتهم بالدراسة ، ودرسنا أي عنون ودرس أي درس محمد صلى الله عليه وسلم ودارسات أي قديمات أو ذوات درس كقوله تعالى : { في عيشة راضية } . { ولنبينه } اللام على أصله لأن التبيين مقصود التصريف والضمير للآيات باعتبار المعنى ، أو للقرآن وإن لم يذكر لكونه معلوما أو للمصدر . { لقوم يعلمون } فإنهم المنتفعون به .
وقوله تعالى : { وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست } الآية ، الكاف في قوله { وكذلك } في موضع نصب ب { نصرف } أي : ومثل ما بينا البصائر وغير ذلك نصرف الآيات أي نرددها ونوضحها وقرأت طائفة «ولْيقولوا درست » بسكون اللام على جهة الأمر ويتضمن التوبيخ والوعيد . وقرأ الجمهور «ولِيقولوا » بكسر اللام على أنها لام كي وهي على هذا لام الصيرورة كقوله { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً }{[5043]} إلى ذلك ، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي «درست » أي يا محمد درست في الكتب القديمة ما تجيبنا به ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «دارست » أي أنت يا محمد دارست غيرك في هذه الأشياء أي قارأته وناظرته ، وهذا إشارة منهم إلى سلمان وغيره من الأعاجم واليهود ، وقرأ ابن عامر وجماعة من غير السبعة «درستْ »{[5044]} بإسناد الفعل إلى الآيات كأنهم أشاروا إلى أنها ترددت على أسماعهم حتى بليت في نفوسهم واَّمحت ، قال أبو علي واللام في { ليقولوا } على هذه القراءة بمعنى لئلا يقولوا أي صرفت الآيات وأحكمت لئلا يقولوا هذه الأساطير قديمة قد بليت وتكررت على الأسماع ، واللام على سائر القراءات لام الصيرورة ، وقرأت فرقة «دارست » كأنهم أرادوا دراستك يا محمد أي الجماعة المشار إليها قبل من سلمان واليهود وغيرهم ، وقرأت فرقة «درُست » بضم الراء وكأنها في معنى درست أي بليت{[5045]} ، وقرأ قتادة «دُرِست » بضم الدال وكسر الراء وهي قراءة ابن عباس بخلاف عنه ورويت عن الحسن ، قال أبو الفتح في «درست » ضمير الآيات ، ويحتمل أن يراد عفيت وتنوسيت ، وقرأ أبي بن كعب «درس » وهي في مصحف عبد الله ، قال المهدوي وفي بعض مصاحف عبد الله «درسن »{[5046]} ، ورويت عن الحسن ، وقرأت فرقة «درّسن » بتشديد الراء على المبالغة في درس ، وهذه الثلاثة الأخيرة مخالفة لخط المصحف ، واللام في قوله و { ليقولوا } وفي قوله { ولنبينه } متعلقان بفعل متأخر تقديره صرفناها ، وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود «ولتبينه » بالتاء على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأه فرقة «وليبينه » بياء أي الله تعالى وذهب بعض الكوفيين إلى أن ( لا ) مضمرة بعد ( أن ) المقدرة في قوله { وليقولوا } فتقدير الكلام عندهم وأن لا يقولوا كما أضمروها في قوله { يبين الله لكم أن تضلوا }{[5047]} .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا قلق ولا يجيز البصريون إضمار لا في موضع من المواضع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.