لما شرع في إثبات النُّبُوّاتِ بدأ بِحِكَايَةِ شُبُهاتِ المنكرين لِنُبُوةِ محمد صلى الله عليه وسلم .
الشُّبْهَةُ الأولَى : قولهم : يا محمد إن هذا القرآن الذي جئْتَنَا به كلامٌ تَستفِيدُهُ من مُدَارَسَةِ العلماء ، وتُنَظِّمُهُ من عند نفسك ، ثم تقرؤه علينا ، وتزعم أنه وَحْيٌ نُزِّلَ عليك من عند الله تعالى .
و " الكاف " في محلِّ نصب نَعْتٌ لمصدر محذوف ، فقدَّرَهُ الزجاج : ونُصَرِّفُ الآياتِ مِثْلَ ما صَرَّفْنَاها فيما تُلِيَ عليكم ، وقدَّره غيره : نُصَرِّفُ الآيات في غير هذه السُّورةِ تَصْرِيفاً مثل التصريف في هذه السورة .
والمراد بالتَّصْرِيفِ أنه -تبارك وتعالى- يأتي بها مُتَوَاتِرَة حالاً بعد حالٍ .
قوله : " ولِيَقُولُوا " الجمهور على كسر{[14874]} اللام وهي لام كي ، والفِعْلُ بعدها منصوب بإضمار " أن " فهو في تَأويل مصدر مَجْرُورٍ بها على ما عرف [ غير مرَّةٍ ] ، وسماها أبو البقاء{[14875]} وابن عطية{[14876]} لام الصَّيْرُورةِ ، كقوله تبارك وتعالى : { فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] وكقوله : [ الوافر ]
لِدُوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا للخَرَابِ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[14877]}
أي : لما صار أمرهم إلى ذلك عَبِّرَ بهذه العبارةِ ، والعِلَّةُ غير مُرَادَةٍ في هذه الأمثلة ، والمُحَقِّقُونَ يأبَوْنَ جَعْلَهَا للعاقبة والصَّيْرُورةِ ، ويُؤوِّلُونَ ما وَرَدَ من ذلك على المَجَازِ .
وجوَّز أبو البقاء{[14878]} فيها الوجهين ؛ أعني كونها " لام " العاقبة ، أو العلّة حقيقة ، فإنه قال : " واللام لام العاقبة ، أي : إن أمرهم يَصِيرُ إلى هذا " .
وقيل : إنه قَصَدَ بالتصريف أن يقولوا : درست عقوبة لهم ، يعني : فهذه عِلَّةٌ صَرِيحَة ، وقد أوضح بعضهم هذا ، فقال : المعنى : يُصَرِّفُ هذه الدلائل حالاً بعد حالٍ ليقول بعضهم : دارست فيزادوا كُفْراً ، وتَنْبِيهٌ لبعضهم فَيَزْدادُوا إيماناً ، ونحو : { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً } [ البقر : 26 ] .
وأبو علي جعلها في بَعْضِ القراءات لام الصَّيْرُورَةِ ، وفي بعضها لام العلّة ؛ فقال : واللام في " ليقولوا " في قراءة ابن عامر ، ومَنْ وافقه بمعنى : لئلاً يقولوا ؛ أي : صُرِّفَت الآيات ، وأحْكِمَتْ لئلا يقولوا : هذه أسَاطيرُ الأوَّلينَ قديمة قد بَلِيَتْ وتَكَرَّرَتْ على الأسْماع ، واللام على سائر القراءاتِ لام الصَّيْرُورةِ .
قال شهاب الدين{[14879]} : قراءة ابن عامر دَرَسَتْ بوزن أكَلَتْ وسَرَقَتْ فعلاً ماضياً مسنداً لضمير الآيات ، وسيأتي تحقيق القراءات في هذا الكلمة مُتَواتِرِهَا وشَاذِّهَا .
قال أبو حيَّان{[14880]} : " وما أجَازَهُ من إضمار " لا " بعد اللام المضمر بعدها " أنْ " هو مذْهَبٌ لبعض الكوفيين ، كما أضمروها بعد " أنْ " المُظْهَرَة في { أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 176 ] ولا يجيز البَصْرِيُّونَ إضْمَارَ " لا " في القَسَمِ على ما تَبَيَّنَ فيه " .
ثم هذه " اللام " لا بد لها من مُتعلَّقٍ ، فقدَّرَهُ الزمخشري وغيره مُتَأخِّراً ، قال الزمخشري{[14881]} : " وليقولوا " جوابه مَحْذُوف ، تقديره : وليقولوا دَرَسَتْ تُصَرِّفُهَا .
فإن قلت : أيُّ فَرْقٍ بين اللاَّمَيْنِ في " ليقولوا " و " لنُبَيِّنَهُ " ؟
قال شهاب الدين{[14882]} : الفَرْقُ بينهما أن الأولَى مَجَازٌ ، والثانية حَقيقَةٌ ، وذلك أن الآيات صُرِفَت للتبيين ، ولم تُصْرَفْ ليقولوا : دارست ، ولكن لأنه لمَّا حَصَلَ هذا القولُ بتصريف الآيات كما حَصَلَ للتَّبْيينِ شبِّه به فسِيقَ مَسَاقَةُ .
وقيل : ليقولوا كما قيل لِنَبيهِ .
قال شهاب الدين{[14883]} : فقد نَصَّ هنا على أنَّ لام " ليقولوا " عِلَّةٌّ مَجَازِيَّة .
وجوَّز بعضهم أن تكون هذه اللام نَسَقاً على عِلًّة محذوفة .
قال ابن الأنباري : " دخلت الواو في " وليقولوا " عطفاً على مضمر ، التقدير : وكذلك نصرف الآيات لنُلْزِمَهُمُ الحجة وليقولوا " . قال شهاب الدين{[14884]} وعلى هذا فاللام مُتعلِّقَةٌ بفعل التَّصْرِيف ، من حَيْثُ المعنى ، ولذلك قَدَّرَهُ مَنْ قدَّرَهُ مُتَأخِّراً ب " نُصَرِّف " .
وقال أبو حيَّان{[14885]} : " ولا يتعيَّنُ ما ذكره المُغْرِبُونَ والمُفَسِّرونَ من أن اللام لام كي ، أو لام الصَّيْرُورةِ ، بل الظاهر أنها لامُ الأمْرِ والفعل مَجْزُومٌ بها ، ويُؤيِّدُهُ قرءاة من سَكَّنَ اللام ، والمعنى عليه يَتَمكَّنُ ، كأنه قيل : وكذلك نُصَرِّفُ الآيات ، وليقولوا هم ما يقولون من كَوْنِهَا دَرَسْتَهَا وتعلَّمْتَها أو دَرَسَتْ هي ، أي : بَلِيَتْ وقدُمَتْ ، فإنه لا يُحْتَفَلُ بهم ولا يُلْتَفَتُ إلى قولهم وهو أمْرٌ معناه الوعيدُ والتهديد ، وعدمُ الاكتراثِ بقولهم ، أي : نُصَرِّفُهَا وليدَّعُوا فيها ما شَاءُوا ، فإنه لا إكْتِرَاث بِدَعْوَاهُمْ " .
وفيه نظرٌ من حيث إنَّ المعنى على ما قالهُ النَّاسُ وفهموه ، وأيضاً فإن بعده " ولنبيِّنَهُ " وهو نَصٌّ في لام كي ، وأمَّا تسكين اللام في القراءة الشَّاذَّةِ ، فلا يَدُلُّ لاحتمال أن تكون لام كي سُكِّنَتْ إجْرَاء للكملة مُجْرَى : كَتِف وكَبِد .
وقد رَدَّ أبو حيان على الزمخشري ؛ حيث قال{[14886]} : " ليقولوا جوابه محذوف " فقال : وتَسمِيَتُهُ ما يتلَّقُ به قوله : " وليقولوا " جواباً اصْطِلاحٌ غريب لا يقال في " جئت " من قولك : " جئت لتقوم " إنه جواب .
قال شهاب الدين : هذه العبارةُ قد تكرَّرَتْ للزمخشري ، وسيأتي ذلك في قوله : { ولتصغى } [ الأنعام : 113 ] أيضاً .
وقال الشيخ هناك : " وهذا اصْطِلاحٌ غريب " .
والذي يظهر أنه إنما يُسَمَّى هذا النحو جواباً ، لأنه يَقَعُ جواباً لسائل ؛ تقول : أين الذي يتعلَّق شبه هذا الجار ؟ فيجاب به ، فسُمّي جواباً بهذا الاعْتِبَار ، وأضيف إلى الجارِّ في قوله : " وليقُولُوا " جوابه ؛ لأن الإضافة تقع بأدْنَى مُلابَسَةٍ ، وإلا فكلامُ إمَامٍ يَتَكَرَّرُ لا يُحْمَلُ على فَسَادٍ .
وأما القراءات التي في " درست " فثلاث في المتواتر : فقرا ابن عامر : " دَرَسَتْ " بِزِنَةِ : ضَرَبَتْ ، وابن كثير وأبو عمرو " دَارَسْتَ " بِزِنَةِ : قَابَلْتَ أنت ، والباقون " دَرَسْتَ " بِزِنَةِ ضَرَبْتَ أنت .
فأمَّا قرءاة ابن عامر : فمعناها بَلِيَتْ وقَدُمَتْ ، وتكرَّرَتْ على الأسْمَاعِ ، يشيرون إلى أنها من أحَادِيثِ الأوَّلينَ ، كما قالوا : " أسَاطِيرُ الأوَّلِينَ " {[14887]} .
وأما قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو : فمعناها : دَارَسْتَ يا محمد غَيْرَكَ من أهْلِ الأخبار الماضية ، والقرون الخالية حتى حَفِظْتَهَا فقُلْتَهَا ، كما حكى عنهم فقال : { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الذي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ } [ النحل : 103 ] .
وفي التفسير : أنهم كانوا يقولون : هو يُدَارِسُ سَلْمَانَ وعَدَّاساً .
وأما قراءة الباقين : فمعناها : حَفِظْتَ وأتْقَنْتَ بالدَّرْسِ أخبارَ الأوَّلين ، كما حُكِيَ عنهم { وقالوا أَسَاطِيرُ الأولين اكتتبها فَهِيَ تُملى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [ الفرقان : 5 ] أي : تكرر عليها بالدرس يحفظها .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : وليقولوا أهل " مكة " حين تَقْرَأُ عليهم القرآن : ودَرَستْ تعلمت من يسارٍ وجبر ، وكانا عَبْدَيْنِ من سَبي الروم قرأت علينا تَزْعُمُ أنه من عند الله{[14888]} .
حكى الواحدي{[14889]} في قوله : درس الكتاب قولين :
الأول : قال الأصمعيُّ : أصله من قولهم : درس الطعام إذا دَرَسَهُ يدرسُه دراساً ، والدَّرْسُ الدِّيَاسُ بِلُغَةِ أهل " الشام " ، قال : ودرس الكلام من هذا ، أي : يدرسه فيخفُّ على لسانه .
والثاني : قال أبو الهيثم{[14890]} : درست الكتاب ، أي : ذللته بكثرةِ القراءة خَفَّ حِفْظُهُ من قولهم : درست الثوب أدْرُسُهُ دَرْساً ، فهو مَدْرُوسٌ ودَرِيسٌ ، أي : أخْلَقْتُهُ ، ومنه قيل للثوب الخلق : دريسٌ لأنه قد لان والدراسةُ الرياضة ، ومنه درست السُّورة حتى حفظتها قال الواحدي : وهذا القول قريب مما قال الأصمعيُّ ، بل هو نفسه لأن المعنى يعود إلى التَّذْليل والتَّلْيين .
وقرئ هذا الحرف في الشَّاذِّ عشر قراءات أخر فاجتمع فيه ثلاثة عشرة قراءة ؛ فقرأ ابن عباس بخلاف عنه ، وزيد بن علي ، والحسن البصري ، وقتادة " دُرِسَتْ " فعلاً ماضياً مبنياً للمفعول مسنداً لضمير الإناث ، وفسَّرها ابن جنيٍّ والزمخشري بمعنيين في أحدهما إشكال .
قال أبو الفتح{[14891]} : " يحتمل أن يُرَادَ عَفَتْ أو بَلِيَتْ " .
وقال أبو القاسم : " بمعنى قُرِئَتْ أو عُفِيَتْ " .
قال أبو حيَّان{[14892]} : " أما معنى قُرِئَتْ وبَلِيَتْ فظاهِرٌ لأن دَرَسَ بمعنى كرَّرَ القراءة متعدٍّ ، وأما " دَرَس " بمعنى بلي وانمحى فلا أحْفَظُهُ متعدياً ، ولا وَجَدْنا فيمن وقَفْنَا على شعره [ من العرب ] إلا لازماً " .
قال شهاب الدين{[14893]} : لا يحتاج هذا إلى استقراء ، فإن معناه لا يحتمل أن يكون متعدياً ؛ إذْ حَدَثُهُ لا يتعدَّى فاعله ، فهو ك " قام " و " قعد " فكما أنا لا نحتاج في مَعْرِفةِ قصور " قام " و " قعد " إلى استقراءٍ ، بل نَعْرِفُهُ بالمعنى ، فكذا هذا .
وقرئ{[14894]} " دَرَّسْتَ " فعلاً ماضياً مشدّداً مبيناً للفاعل المخاطب ، فيحتمل أن يكون للتكثير ، أي : درَّسْتَ الكُتُبَ الكثيرة ك " ذبَّحت الغنم " ، و " قَطَّعْتُ الأثواب " وأن تكون للتَّعديَةِ ، والمفعولان محذوفان ، أي : دَرَّسْتَ غيرك الكتاب ، وليس بظاهرٍ ؛ إذ التفسير على خلافه .
وقُرِئ دُرِّسْتَ كالذي قبله إلا أنه مَبْنيٌّ للمفعول ، أي : دَرَّسَكَ غَيْرُكُ الكتب ، فالتضعيف للتعدية لا غير .
وقرئ " دُوْرِسْتَ " مسنداً لتاء المُخاطبِ من " دَارَس " ك " قاتل " إلا أنه بُنِيَ للمفعول ، فقلبت ألِفُهُ واواً ، والمعنى : دارسَكَ غَيْرُكَ .
وقرئ{[14895]} " دَارَسَتْ " بتاء ساكنة للتأنيث لَحِقَتْ آخر الفعل ، وفي فاعله احتمالان :
أحدهما : أنه ضمير الجَمَاعَةِ أضْمِرَتْ ، وإن لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ لدلالة السياق عليها أي : دراستك الجمَاعةُ يُشيرون لأبي فكيهة ، وسلمان ، وقد تقدَّم ذلك في قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو رحمها الله تعالى .
والثاني : ضمير الإناث على سبيلِ المُبالغةِ ، أي : إن الآيات نفسها دارَسَتْكَ ، وإن كان المراد أهْلَهَا .
وقرئ " دَرُسَتْ " بفتح الدال ، وضم الراء مُسْنَداً إلى ضمير الإناث ، وهو مُبالغةٌ في " دَرَسَتْ " بمعنى : بَلِيَتْ وقدُمَتْ وانمحَتْ ، أي : اشتدَّ دُرُوسُهَا وبلاهَا .
وقرأ أبَيٌّ{[14896]} " دَرَسَ " وفاعله ضمير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أو ضمير الكتاب بمعنى قرأهُ النَّبِيُّ ، وتلاهُ ، وكُرِّرَ عليه ، أو بمعنى بلي الكتاب وامَّحى ، وهكذا في مصحف عبد الله " دَرَسَ " .
وقرأ الحسنُ{[14897]} في رواية " دَرَسْنَ " فعلاً ماضياً مسنداً لنون الإناثِ هي ضمير الآيات ، وكذا هي في بَعضِ مصاحفِ ابن مسعود .
وقرئ " دَرَّسْنَ " كالذي قبله إلا أنه بالتَّشديد بمعنى اشتدَّ دُرُوسُهَا وبلاهَا ، كما تقدم .
وقرئ{[14898]} " دَارِسَاتٌ " دمع " دَارِسَة " ؛ بمعنى : قديمات ، أو بمعنى ذات دُرُوسٍ ، نحو : { عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ الحاقة : 21 ] و{ مَّاءٍ دَافِقٍ } [ الطارق : 6 ] وارتفاعها على خبر ابتداء مضمرٍ ، أي : هُنَّ دارسات ، والجملة في محلٍِّ نصب بالقولِ قبلها .
قوله : " ولنبيِّنَه " تقدم أنَّ هذا عطفٌ على ما قَبْلَهُ ؛ فحكمه حُكْمُه ، وفي الضمير المَنْصُوب أربعةُ احتمالات :
أحدها : أنه يَعُود على الآياتِ ، وجاز ذلك وإن كانت مُؤنَّثَة ؛ لأنَّها بِمَعْنَى : القُرآن .
الثاني : أنَّه يَعُود على الكتاب ، لدلالة السِّياق عليه ، ويُقَوِّي هذا : أنَّه فاعل ل " دَرَسَ " في قَراءة مَنْ قَرَأه كذلك .
الثالث : أنَّه يَعُود على المصدَر المفهوم من نُصَرِّف ، أي : نبيِّن التَّصْريف .
الرابع : أنه يَعُود على المَصْدَر المفْهُوم من " لِنُبَيِّنه " أي : نُبَيِّن التَّبْيين ، نحو : " ضَرَبْتُه زَيْداً " أي : " ضربت الضَّرْب زَيْداً " ، و " لقوم " متعلِّقٌ بالفعل قبله ، و " يعْلَمُون " : في محل جرِّ صفة للنَّكرة قبلها .
قال ابن عباس - ضي الله عنهما- يُريد أوْلِياءَهُ الذين هداهم إلى سبيل الرَّشاد .
وقيل : نصرِّف الآيات ليشقى بها قَوْم ، ويَسْعد بها آخرون ؛ فمن قال : " دَرَسْت " فهو شقي ، ومن تَبيَّن له الحقُّ ، فهو سِعِيدٌ .