تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسۡتَ وَلِنُبَيِّنَهُۥ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (105)

الآية 105 وقوله تعالى : { وكذلك نصرف الآيات } أي نردها في الوجوه التي تتبين لقوم يطلبون البيان ، أو نقول : { نصرف الآيات } أي نضع كل آية ، ونصرفها إلى الوجوه التي يكون بالخلق حاجة إليها .

وقوله تعالى : { وليقولوا درست } فيه لغات{[7561]} : درست ، ودارست ، ودرست ؛ ودرست قرأت ، ودارست تعلمت ، وقيل : دارست أهل الكتاب : جادلتهم ، ودرست بالجزم قيل : تقادمت . فهذا الاختلاف فيه لاختلاف قول كان من الكفرة لرسول الله ؛ منهم من يقول : { ما هذا إلا إفك مفترى } [ سبأ : 43 ] وهو تأويل : { درست } فعلى اختلاف تأويلهم خرجت القراءة .

ثم اختلف في قوله تعالى : { وليقولوا درست } فهو صلة قوله تعالى : { قد جاءكم بصائر من ربكم } { وليقولوا درست } وقال الحسن : قوله تعالى : { وليقولوا درست } أي { قد جاءكم بصائر من ربكم } { وليقولوا درست } لأن [ من ]{[7562]} قوله : أنه بعث الرسل ، وأنزل الكتب ليكون من الكافر{[7563]} قول كفر ومن المؤمن قول إيمان .

وقوله تعالى : { وليقولوا درست } يخرج ، والله أعلم ، على التعجيب ، يعجب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن قبح صنيع الكفرة وسوء معاملتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء بصائر{[7564]} من ربهم وبينات وحجج ، ثم هم بعد هذا كله يستقبلونها بالرد والتكذيب وهو ما قلنا : إن الله ذكر نعمه عليهم بما أنشأ لهم من الأنعام والجنات والمعروشات والزرع والنخيل وما أخبر عنه ، وقد علموا ذلك كله ثم { وجعلوا له } بعد معرفتهم هذا{[7565]} { شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم } [ الأنعام : 100 } ولا بينة . فهو على التعجيب أنهم كيف جعلوا له شركاء ، وقد علموا أن الذي جعل هذا كله لهم ، هو الله .

فعلى ذلك هذه الآية أنهم كيف قذفوه بالدراسة ، وقد تبين لهم صدقه وأنه من عند الله بالآيات في الدلائل وبما كان لا يخط كتابا ، ولا شهدوه يختلف إلى من عنده علم ذلك .

وقوله تعالى : { ولنبينه لقوم يعلمون } أي لنبينه ؛ يعني القرآن ، وقيل : البصائر التي ذكر لقوم ينتفعون بعلمهم .


[7561]:- انظر حجة القراءات (264). ومعجم القراءات القرآنية (2/304).
[7562]:-من م، ساقطة من الأصل.
[7563]:- من م، في الأصل: الكافرين.
[7564]:- من م، في الأصل: بصائرهم.
[7565]:- من م، في الأصل: لرد.