{ وكذلك نصرف الآيات } أي مثل ذلك التصريف البديع نصرفها في الوعد والوعيد والوعظ والتنبيه ليعتبروا { وليقولوا درست } أي نصرف الآيات لتقوم الحجة وليقولوا درست أو ليقولوا درست صرفناها ، وعلى هذا تكون اللام للعاقبة أو للصيرورة ، والمعنى مثل ذلك التصريف نصرف الآيات وليقولوا درست فإنه لا احتفال بقولهم ولا اعتداد لهم ، فيكون معناه الوعيد والتهديد لهم وعدم الاكتراث بقولهم ، وقد أشار إلى مثل هذا الزجاج .
وقال النحاس : وفي المعنى قول آخر حسن وهو أن يكون معنى نصرف الآيات يأتي بها آية بعد آية ليقولوا درست علينا فيذكرون الأول بالآخر ، فهذا حقيقة ، والذي قاله الزجاج مجاز ، والجمهور على كسر اللام وهي لام كي ، وجوز أبو البقاء فيها الوجهين .
وفي درست قراآت دارست كفاعلت ودرست كفرحت ودرست كضربت ، فعلى الأولى المعنى دارست أهل الكتاب ودارسوك أي ذاكرتهم وذاكروك ، ويدل على هذا ما وقع في الكتاب العزيز من إخبار الله عنهم بقوله : { وأعانه عليه قوم آخرون } أي أعان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم على القرآن ومثله قولهم [ أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة وأصيلا ] ، وقولهم [ إنما يعلمه بشر ] .
والمعنى على الثانية قدمت هذه الآيات وعفت وانقطعت وهو كقولهم أساطير الأولين ، وعلى الثالثة مثل المعنى على الأول قال الأخفش : هي بمعنى دارست إلا أنه أبلغ ، وقرأ المبرد : وليقولوا بإسكان اللام فيكون بمعنى التهديد أي وليقولوا ما شاءوا فإن الحق بين .
وهذا اللفظ أصله يدرس دراسة فهو من الدرس وهو القراءة وقيل من درسته أي ذللته بكثرة القراءة ، وأصله درس الطعام أي داسه والدياس الدرس بلغه أهل الشام ، وقيل أصله من درست الثوب أدرسه أي أخلقته ودرست المرأة درسا أي حاضت ، ويقال : إن فرج المرأة يكنى أبا دراس وهو من الحيض ، والدرس أيضا الطريق الخفي ، وحكى الأصمعي بعير لم يدرس أي لم يركب .
وقرأ جمع من الصحابة درس أي محمد الآيات وقرئ درست أي الآيات على البناء للمفعول ودارست أي اليهود محمدا ، قال ابن عباس : درست قرأت وتعلمت ودارست خاصمت جادلت تلوت .
{ ولنبينه } اللام فيه لام كي أي نصرف الآيات لكي نبينه ، والضمير راجع إلى الآيات لأنها في معنى القرآن أو إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر لأنه معلوم من السياق أو إلى التبيين المدلول عليه بالفعل { لقوم يعلمون } الحق من الباطل ، قال ابن عباس : يريد أولياءه الذين هداهم إلى سبيل الرشاد وقيل المعنى نصرف الآيات ليسعد بها قوم ويشقى بها آخرون ، فمن أعرض عنها وقال للنبي صلى الله عليه وسلم درست فهو شقي ، ومن تبين له الحق وفهم معناها وعمل بها فهو سعيد ، وفي هذا دليل قاطع على أن الله جعل تصريف الآيات سببا لضلالة قوم وشقائهم وسعادة قوم وهدايتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.