الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسۡتَ وَلِنُبَيِّنَهُۥ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (105)

{ وَلِيَقُولُواْ } جوابه محذوف تقديره . وليقولوا درست تصرّفها . ومعنى { دَرَسْتَ } قرأت وتعلمت . وقرىء : «دارست » أي دارست العلماء . ودرست بمعنى قدّمت هذه الآيات وعفت كما قالوا : أساطير الأولين ، ودرست بضم الراء ، مبالغة في درست ، أي اشتد دروسها . ودرست - على البناء للمفعول - بمعنى قرئت أو عفيت . ودارست . وفسروها بدارست اليهود محمداً صلى الله عليه وسلم ، وجاز الإضمار ؛ لأن الشهرة بالدراسة كانت لليهود عندهم . ويجوز أن يكون الفعل للآيات ، وهو لأهلها ، أي دارس أهل الآيات وحملتها محمداً ، وهم أهل الكتاب . ودرس أي درس محمد . ودارسات ، على : هي دارسات ، أي قديمات . أو ذات دروس ، كعيشة راضية ،

فإن قلت : أي فرق بين اللامين في { لّيَقُولواْ } ، { وَلِنُبَيّنَهُ } ؟ قلت : الفرق بينهما أنّ [ الأولى ] مجاز والثانية حقيقة ، وذلك أن الآيات صرفت للتبيين ولم تصرف ليقولوا دارست ، ولكن لأنه حصل هذا القول بتصريف الآيات كما حصل التبيين ، شبه به فسيق مساقه . وقيل : ليقولوا كما قيل لنبينه :

فإن قلت : إلام يرجع الضمير في قوله : { وَلِنُبَيّنَهُ } ؟ قلت : إلى الآيات لأنها في معنى القرآن ، كأنه قيل : وكذلك نصرف القرآن . أو إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر ، لكونه معلوماً إلى التبيين الذي هو مصدر الفعل ، كقولهم : ضربته زيداً . ويجوز أن يراد فيمن قرأ درست ودارست : درست الكتاب ودارسته ، فيرجع إلى الكتاب المقدّر .