قوله جلّ ذكره : { إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْملائِكَةَ تَسْمِيةَ الأُنثَى وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبعُُِونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً } .
هذه التَّسْمِيةُ من عندهم ، وهم لا يتبعون فيها علماً أو تحقيقاً . . . بل ظَنًّا - والظنُّ لا يفيد شيئاً .
إن يتبعون إلا الظن : ما يتبعون إلا مجرد التوهم الباطل .
لا يغني من الحق شيئا : إن الظن لا يفيد في مجال الحق ، الذي هو حقيقة الشيء ، فإن الحق لا يدرك إلا بالعلم ، أي اليقين ، والظن لا اعتبار له في المعارف الحقيقية أو اليقينيات .
28- { وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } .
ليس لديهم خبر صحيح أو علم يقيني بذلك ، فهذه من أمور الغيب ، وهي لا تُعلم إلا بنقل صحيح ، أو يقين صادق ، وهؤلاء لا يملكون دليلا نقليا ، ولا دليلا عقليا على ذلك ، وإنما هو التوهم الباطل ، بما ورثوه عن آبائهم بدون بحث أو فكر أو يقين ، ومثل هذا الظن الباطل والتوهّم الخاطئ لا يغني شيئا عن الحق ، فإن الحق لا يدرك إلا بالعلم الصحيح .
وهؤلاء لم يشهدوا خلق الملائكة ليعرفوا أنهم إناث ، وليس لديهم وحي منزل بذلك ، ولا علم يقيني به ، والظن لا يغني عن الحق ، ولا يقوم مقامه .
وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث " .
{ وما لهم به من علم } : أي وليس لهم بذلك علم من كتاب ولا هدى من نبي ولا عقل سوى .
{ إن يتبعون إلا الظن } : أي في تسميتهم الملائكة إناثاً إلا مجرد الظن ، والظن لا تقوم به حجة ولا يعطى به حق .
وقوله تعالى : { وما لهم به من علم } أي ليس لهم في ادعائهم أن الملائكة بنات الله أي علم يعتد به إن يتبعون فيه إلا الظن والظن أكذب الحديث ، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاً وبناء على هذا أمر الله تعالى رسوله أن يعرض عمن تولى منهم عن الحق بعد معرفته وعن الهدى بعد مشاهدته .
والحال أنه ليس لهم بذلك علم ، لا عن الله ، ولا عن رسوله ، ولا دلت على ذلك الفطر والعقول ، بل العلم كله دال على نقيض قولهم ، وأن الله منزه عن الأولاد والصاحبة ، لأنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، وأن الملائكة كرام مقربون إلى الله ، قائمون بخدمته { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } والمشركون{[897]} إنما يتبعون في ذلك القول القبيح ، وهو{[898]} الظن الذي لا يغني من الحق شيئا ، فإن الحق لا بد فيه من اليقين المستفاد من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.