المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ} (7)

7- يعلمون شئون ووسائل عمرانها والتمتع بزخارفها ، وهم عن التزود للآخرة مسرفون في الجهل والغفلة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ} (7)

وقوله : { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } أي : أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وما فيها ، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها ، وهم غافلون عما ينفعهم في الدار الآخرة ، كأن أحدهم مُغَفّل لا ذهن{[22777]} له ولا فكرة .

قال الحسن البصري : والله لَبَلَغَ {[22778]} من أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره ، فيخبرك بوزنه ، وما يحسن أن يصلي .

وقال ابن عباس في قوله : { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } يعني : الكفار ، يعرفون عمران الدنيا ، وهم في أمر الدين جهال .


[22777]:- في أ "لا ذكر".
[22778]:- في ت، ف، أ: "ليبلغ".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ} (7)

وصف تعالى الكفرة الذين لا يعلمون أمر الله وصدق وعده بأنهم إنما { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } ، واخلتف الناس في معنى { ظاهراً } فقالت فرقة معناه بيناً أي ما أدته إليهم حواسهم فكأن علومهم إنما هي علوم البهائم{[9280]} ، وقال ابن عباس والحسن والجمهور : معناه ما فيه الظهور والعلو في الدنيا من إتقان الصناعات والمباني ومظان كسب الأموال والفلاحات ونحو هذا ، وقالت فرقة : معناه ذاهباً زائلاً أي يعلمون أمور الدنيا التي لا بقاء لها ولا عاقبة ومثل هذه اللفظة قول الهذلي :

وعيرها الواشون أني أحبها . . . وتلك شكاة ظاهر عنك عارها{[9281]}

وقال سعيد بن جبير : إن قوله { ظاهراً من الحياة الدنيا } إشارة إلى ما يعلم من قبل الكهنة مما يسترقه الشياطين ، وقال الروماني : كل ما يعلم بأوائل العقول فهو الظاهر وما يعلم بدليل العقل فهو باطن .

قال القاضي أبو محمد : وفيه تقع الغفلة وتقصير الجهال ، ثم وصفهم ب «الغفلة » والإعراض عن أمر الآخرة وكرر الضمير تأكيداً ، وغفلة الكافر هي على الكمال والمؤمن المنهمك في أمور الدنيا التي هي أكبر همه يأخذ من هذه الآية بحظ ، نوّر الله قلوبنا بهداه ، ثم وقفهم على جهة التوبيخ على أنهم قد فكروا فلم تنفعهم الفكرة والنظر إذ لم يكن على سداد ، وقوله تعالى : { في أنفسهم } يحتمل معنيين : أحدهما أن تكون الفكرة في ذواتهم وحواسهم وخلقتهم ليستدلوا بذلك على الخالق المخترع .


[9280]:يعني أنها العلوم التي لا تهتم إلا بما تهتم به البهائم من الأكل والشرب والتناسل.
[9281]:قال أبو ذؤيب الهذلي هذا البيت من قصيدة رثى بها نشيبة بن محرث أحد بني حطيط، ومطلعها: هل الدهر إلا ليلة أو نهارها وإلا طلوع الشمس ثم غيارها والواشون: جمع واش، وهو الذي ينم بالإنسان ويسعى، وأصله من الوشي وهو التنميق والتحسين والكذب في الكلام ونشره بين الناس. وقوله: "وتلك وشاة" أي: ذلك التعبير، "ظاهر عنك عارها": أي: زائل عنك وذاهب لا يعلق بك، وهو الشاهد هنا، أي: أن تعييرهم لك لا يلزق بك، بل يبتعد عنك وينبو.