الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ} (7)

وقوله : { يَعْلَمُونَ } بدل من قوله : { لاَ يَعْلَمُونَ } وفي هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه ، وجعله بحيث يقوم مقامه ويسدّ مسدّه ، ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا . وقوله : { ظاهرا مّنَ الحياة الدنيا } يفيد أن للدنيا ظاهراً وباطناً ، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها والتنعم بملاذها . وباطنها وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة : يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة . وفي تنكير الظاهر : أنهم لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً من جملة الظواهر . و«هم » الثانية يجوز أن يكون مبتدأ . و { غافلون } خبره ، والجملة خبر «هم » الأولى ، وأن يكون تكريراً للأولى ، وغافلون خبر الأولى . وأية كانت فذكرها مناد على أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرّها ومعلمها ، وأنها منهم تنبع وإليهم ترجع .