ثم وصف تعالى الكفرةَ الذين لا يعلمون أمر اللّه وصِدْقَ وعدِه بأنهم إنما : { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافلون }
قال صاحب «الكلم الفارقية » الدنيا طَبَقٌ مسموم ، لا يعرف ضرره إلا أربابُ الفهوم ، قوةُ الرغبة في الدنيا علامة ضعفها في الآخرة ، بحسب انصرافُ الرغبةِ إلى الشيء ، يجدُّ الراغبُ في طلبه ، وتتوفَّرُ دواعيه على تحصيلهِ ، المطلوبات تُظهر وتبيِّنُ أقدارَ طُلاَّبها ، فمن شَرُفَتْ همَّتُهُ شَرُفَتْ رغبته ، وعزت طلبته ، يا غافل ، سكر حبك لدنياك ، وطول مُتابعتِكَ لَغاوِي هواك ، أنساك عظمةَ مولاك ، وَثَنَاكَ عن ذكره وألهاك ، وَصَرَفَ وجه رغبتك عن آخرتك إلى دنياك ، إنْ كنت من أَهل الاستِبْصَار ، فألقِ ناظرَ رغبتك عن زخارف هذه الدار فإنها مجمعُ الأكدار ، ومنبَعُ المضار ، وسِجْنُ الأَبرار ، ومجلس سرور الأشرار ، الدنيا كالحيةِ تجمع في أنيابها ، سُمُومَ نَوَائِبِها ، وتفرغه في صميمِ قلوب أبنائها ، انتهى .
قال عياض في الشفا ، قال أبو العباس المبرِّد رحمه اللّه قَسَّم كِسرى أيامَه ، فقال : يَصْلُحُ يَوْمَ الريح للنوم ، ويومُ الغَيْم للصيد ، ويوم المطر للشُّرْب واللهو ، ويوم الشمس للحوائج ، قال ابن خَالَوَيْهِ : ما كان أعرفَهم بسياسة دنياهم .
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافلون } [ الروم : 7 ] .
لكنْ نبينَا محمداً صلى الله عليه وسلم جزأها ثلاثةَ أجزاء : جزءاً للَّه تعالى ، وجزءاً لأهله ، وجزءاً لنفسه . ثم جزَّأ جزءه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة وَيَقُولُ : ( أَبْلِغُوا حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إبْلاَغِي فَإنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ ، أَمَّنَهُ اللّهُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ ) انتهى . والمؤمن المنهمك في أمور الدنيا التي هي أكبر همه ، يأخذ من هذه الآيةِ بخط نوَّر اللّهُ قلوبَنا بهداه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.