محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ} (7)

{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } .

{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } .

{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } وهو ما يوافق شهواتهم وأهوائهم { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ } أي التي هي المطلب الأعلى { هُمْ غَافِلُونَ } أي لا يخطرونها ببالهم . فهم جاهلون بها تاركون لعلمها .

لطائف : قال الزمخشري : قوله تعالى : { يعلمون } بدل من قوله : { لا يعلمون } وفي هذا الإبدال من النكتة ، أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مقامه ويسد مسده ، ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا . وقوله : { ظاهرا } يفيد أن للدنيا ظاهرا وباطنا . فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخرفتها والتنعم بملاذها . وباطنها وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة ، يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة . انتهى .

وناقش الكرخي في إبدال { يعلمون } قال : إن الصناعة لا تساعد عليه . لأن بدل فعل مثبت ، من فعل منفي لا يصح . واستظهر قول الحوفي ؛ أن { يعلمون } استئناف في المعنى .

وأشار الناصر إلى جوابه بأن في تنكير { ظاهرا } تقليلا لمعلومهم . وتقليله يقربه من النفي . فيطابق المبدل منه .

أقول : التقليل هو الوحدة المشار لها بقول الزمخشري ( وفي تنكير الظاهر أنهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا ، من جملة الظواهر ) .

أما قول أبي السعود : وتنكير { ظاهرا } للتحقير والتخسيس دون الوحدة كما توهم ، فغفلة عن مشاركتها للتعليل الذي به يطابق البدل المبدل منه . فافهم .